عندما يلفك الكون بعباءته الرمادية الكبيرة

أن يقول لك أحدهم إنه يريد أن يحدثك في موضوع ما، ويذكرك بكتاب قد أهداك لك، وبزهرة ياسمين أعطاها لك ليس لسبب ما سوى أن اليوم عيد الزهور، وتهربين إلى داخلك وتشعرين إنه في كل لحظة الدائرة تضيق من حولك أكثر فأكثر...فتتعللين أن الوقت تأخر وعليك أن تمشي دلوقت..دلوقت حالا...فيستبقيك وهو يحدثك عن الزهور..عن السماء الرحبة التي يجدها حين يراك...و إنه أتى اليوم من أجلك..وإلى الداخل، تهربين و تبدو لك لقطات الماضي موسيقى تصويريه تحبين أن تسمعيها...أنت الآن في زي المدرسة تسيرين بخطوات فرحة سريعة ويد والدتك تقبض على يدك الصغيرة...أبوك وهو يخرج من جيبه شكولاته ، ويقول لك وهو يبتسم إنها رزق من الله وإنه أبقاها لك ، أنت وقد كبرت قليلا ودخلت الجامعة... القبة الشاسعة الكريمية اللون والشعور بالرهبة يتملكك كلما وقفت أمامها تتأمليها.. دقات الجامعة وهي ترن في أذنك ، وتعودين بعدها إلى حيث أنت... ليل القاهرة وعينيه الحزينة وأضواء المحل الصغير المواجة لعينيك...و تصرين على موقفك ...تعتذرين وتغادرين بعد أن تكوني قد أعطيته وعدا بأنكما لابد ستتقابلان قريبا...وإلى الداخل تنسحبين أكثر فأكثر.. تسمعين دقات قلبك و تفكرين في أن الليل ربما يكون شخصا خفيا يلفك أنت و الكون بعبائته الرمادية الكبيرة...وفي الشارع الهادئ تكملين السير وحدك...تبتسمين وأنت تشكرين الله إنه يعطيكي هداياه الكثيرة، و في نهاية الشارع تتوقفين كي تعبري الطريق... وتقولين في نفسك إن الدنيا لابد عجيبة...و إنها كساعة كبيرة تسير عقاربها الوئيدة في إنتظام....و تعبرين الطريق و ترين أن كل شيء في الشارع المزدحم مثلك تمامك ، يمشي هكذا في مسار واحد... وتكملين السير وحدك وأنت تمنين نفسك إنه في يوم من الأيام من يدري..ربما يمشي كل شيء في المسار الصحيح...

المباني الشاهقة

كان أهم ما يشغل بالَها قبل أن تتجه إلى الجامعة هو مراجعة بريدها الإلكتروني؛ علَّه يكون قد أرسل ردّاً على الشِّعر الذي أرسلته له.
وعندما وجدت رسالته كان عقلها يعمل بسرعة
حتّى تقرأ رسالته وتفهمها وتطلق على كلماتها حُكْماً لا غُبار عليه، لكنها لم تجد سوى كلمات شكر: "شكر على الشِّعر. أشوفِك في المحاضرة". وعاودت قراءة الرسالة وقلَّبت الكلمات على وجوهها وفتشت بين الحروف علَّها تجد كلمة تكشف عن شعور خاص أو حرف زائد يدل على اضطراب يد، لكنها لم تعثر على شيء. كانت رسالته كرسائله السابقة، تأتيها روتينية تبدأ بـ"عزيزتي" وتنتهي بـ"خالص تمنياتي"، وتحوي بداخلها رسالة صمّاء كالْمُونَة فوق الطوب الأحمر، نادراً ما تلمح فيها انبعاجاً أو اطّراداً.
وعندما أغلقت باب الشقة ونزلت تُهروِل على سلالم البيت واتجهت إلى المحطة، كانت رسالته لا تزال عالقة بذهنها وتتجسَّد أمامها بنايات شاهقة رمادية اللون، ولم يُزِحْ تلك الصورة من مخيّلتها سوى ذلك الأتوبيس الأحمر الذي يأتي دائماً مسرعاً ممتلئاً عن آخره. وقفزت به واستطاعت أن تجد لها كرسيّا. وعندما نظرت عبر النافذة كانت كل البنايات التي تراها تجري أمامها، تذكّرها برسالته. وتبادرت الأسئلة إلى ذهنها: "تُرَى هل سقط منه التنوين سهواً؟ هل أعجبه الشعر؟ هل يشعر بمشاعرها ويحسُّها؟" وعندما لم تجد إجابة شافية لأيّ من تلك الأسئلة، قامت وأغلقت النافذة وظلَّت تنظر أمامها باتجاه السائق. وتمنَّت أن يَعطُل الأتوبيس ولا يأخذها للجامعة، ولكنه لم يَعْطُل، ووجدت نفسها بعد قليل تقف على عتبة الباب. وأخذت تردّد الشعر الذي أرسلته له: "قل لي ولو كذباً كلاماً ناعماً قد كاد يقتلني بك التمثال". لو كانت قالت تلك الكلمات لطفل صغير لربّما أحسَّ حيرتها وفهمها، "فلماذا لا أثور إذَن؟" قالتها وهي تحطّ قدميها على الأرض كمن وجد ظلاًّ يحتمي به بعد ترحال طويل. وظلَّت طوال سور الجامعة تفكّر في أن تفتعل معه مشاجرة ثم تتركه حائراً لا يعرف سرّ تغيُّرها، وتخيَّلت انقباض ملامحه ووجوم وجهه، وتخيَّلت بريق الانتصار في عينيها وهي التي طالما حبست مشاعرها وأخفَتْها.
وعندما وصلت المدرَّج الممتلئ جاء يسأل عن محاضرة الأمس.
- بس أنا لسة عايزة أطلعها.
- خدي وقتك وأنا قاعد هناك، متشكِّر أوي.
كانت تشعر بروحها تنسحب إلى أسفل، وبكل مشاعر الثورة بداخلها تتكاثف إلى قطرات عرق تغزو جسدها وتغرقه. نظرت عبر نافذة المدرج تتلمَّس الأفق الرحب، لكنها أعادت بصرها سريعا؛ فقد كان ما يصدمها حقاً ويشل قدرتها على التفكير هو تلك المباني رمادية اللون التي تكاد تلمحها بوضوح عبر النافذة.
من "البلياتشو"- دار ميريت

المشهد الأخير

انهمرت في نوبة من البكاء وأنا أتابع المشهد الأخير للملك فاروق، كانت حرارتي مرتفعة وكان ذلك المشهد لفاروق وهو يجلس في منفاة ويفتح الشبابيك يصيبني بمزيد من التعب أنصب فوق وجنتي دموعا تسيل أداريها ووالدتي تجلس بجواري تشاهد المسلسل، وحتى بعد إنتهاء المسلسل، ظل هذا المشهد يطاردني أينما ذهبت، في البيت وأنا أحاول أن أشغل نفسي بترتيب القوضة، في العمل حيث الستة أدوار التي عليّ أن أصعدهم وأنا صابرة أتوق للمستقبل، حتى وأنا أكتب هذا البوست لا أستطيع أن أكبت دموعي التي تنسال حزنا على مواطن مصري غادر بلاده مضطرا إلى منفاه، على مصر الحرة رغم الاحتلال، ومصر المكممة رغم الاستقلال، حزنا على شوارع المحروسة التي كانت نظيفة يوم ما، حزنا على السواد الذي حتما ستلمحه في شوارعنا حتى في وضح النهار؛ حزنا أنه ليس بيدي ما يمكني أن أفعله، ولا أجد بالفعل ما يعزيني سوى أن هناك من يزال قادرا على كشف الزيف والخداع.

أسباب وجيهة للفرح

كان ذلك في رمضان الماضي حين أهدانا عمر مصطفى -أنا ومي و أميرة وأحمد- ديوانه الأول، ففي محل كباب وكفته في سيدنا الحسين ، بعد إفطار جامد و مروع مليئ باللحمة، أخذ عمر يسرح طويلا وهو يكتب لكل منا إهداء، ونشاكسه ونحن تقول له "خلاص بقى مش مهم.هات الكتاب يا عمر!".

غادرنا وكل منا يحمل كتابا وجيها معه، بحجمه الصغير وغلافة الذي لا يخلو من لمعة وعليه رسمه ، لولد وبنت يبتسمان وتعلوهما شمس مشرقة كما يتضح من السبع خطوط التي تخرج من دائرة الشمس، عدت للبيت منهكة بعد ذهابي لحصة رياضة بعد إفطار دسم – إشي كباب وكفته و لحمة بالخضار (وليس العكس) و أرز وشوربة و طبق محشي ضغنن كده...وما أن ذهبت للبيت، رحت أعيد قراءة الإهداء وأنا أطيل التفكير في عنوان الكتاب وكلمة "فرح" ترن في أذني كلحن بعيد...بعيد جدا!

ومر شهر رمضان بالفعل دون أدنى ملامح الفرح ، فقط كورسات الإنجليزي والعيال الحلوين إللي بدرسلوهم و العيال الأحلى والأحلى في الكلية و تمارين الأسكواش المرهقة و زيارة مرة واحدة لساقية الصاوي جلسنا أنا ونهى بجوار النيل الذي أحبه بالفعل ومن كل قلبي!

لكن الفرج جاء مع أجازة العيد ، حينما دعاني أخي – الساكن في البلاد البعيدة- للذهاب معه لشرم الشيخ ، وبعد أن تهللت أساريري و قلت له - كده وكده - ووجههي يحمر في التليفون "بس ده كثير يا أبيه.. وأنا أصلي مش عايزة أضايقكم" ، كنت أحضر شنطة السفر في غبطة وأنا أضع معي ديوان العزيز عمر الذي بدأت أقرأ فيه منذ أن جلسنا في كافتريا المطار وعائشة –بنت أخي - تحوم حولي، وحتى وصلنا لشرم الشيخ.

وهناك بدا لي أنه لايزال هناك ما يدعو للفرح بالفعل، فإذا كانت الشمس بهذا الدفئ والسماء بهذا الصفاء والبحر كالحياة عنيد و كريم، فلماذا الحزن إذن؟

بعدها بأربعة أيام، كانت عائشة تطبع قبلة على خدي وأنا عائدة للقاهرة، وفي مطار شرم الشيخ كنت أتلقى خبر تأخر طائرة مصر للطيران نصف ساعة دون تذمر ...كنت أقرأ الديوان ...وبداخلي طاقة من الفرح تجعلني أنتظر الطائرة ليس لنصف ساعة فقط، بل لخمس ساعات متصلة:

"ليه كل ماجي ارسمك
ألاقيني بارسمني
هو إنت إيه فيا
ولا انتي إيه مني
هو احنا إيه بالضبط
أصلي نسيت النحو
ونسيت أصول الضبط
وانتي نسيتي الكلام
يا موفّق الألوان
يا صاحب القدرة
فين أول الخضرة
وفين حدود البحر
"
من "أسباب وجيهة للفرح" عن دار الملامح

لما الدنيا تطبطب عليّ

تماما مثلما تنظر للبرق في رهبة ، أو كأنك ركبت حصانا وطرت في السماء قبل أن تكتشف أن هذا ليس ما إلا حلم تفيق بعده على رنات طويلة للمحمول، أو كأن شخص ما تحبه أهداك حبات ياسمين ، أو كأن كل الساحرات الطيبات في عالم ديزني جاؤك خصيصا لكي يكونوا محضر خير بينك وبين الدنيا التي تحبك وتكرهك و تكون بعيدة عنك وملك يديك، أوحتى كأن الشجن بداخلك يمتزج بقطع من الشكولاته فتتعجب من أن على طرف لسانك وفي حلقك طعم مميز وعجيب، تلك الأشياء مجتمعة أحسست بها بضع ساعات تقريبا ما أن توقفت بالعربة وأنا عائدة مع أبي ليلا، أطلب من البائع أخبار السبت والعربي الكويتي، لا استطع أن أنتظر حتى أعود للبيت، افتح المجلة، فتقع عيناي على أسمي على ضوء كشاف العربة الميتالك الآتي من بعيد؛ في لحظات أكون قد وصلت للبيت، أضع قبلة على جبين أمي، ثم اتجه إلى غرفتي و أنا أحمل المجلة وكأني خلاص على باب المغارة و بقى أن أنطق بكملة السر لأخرج ومعي الزمرد والمرجان وعلي بابا نفسه؛ أمر بأناملي على أسمي وابتسم للصور التي التقطها وأنا أندهش بالفعل من إن تصويري مش وحش والله ! وأهو بأعرف أكتب كويس! أفتح كمبيوتري العزيز وأسرح في أخي محمد الذي سافر اليوم، وفي أخي ضياء الذي يعود بعد عام، تباغتني ملامح أعرفها أراها طيبة وبعيدة، أغلق عيني ، فاتخيل نفسي أقف في بلكون واسع أنثر الياسمين و موسيقى لم أسمعها من قبل يأتي صوتها من بعيد...

* أصداء نشر مقالي بالعربي الكويتي عن بيت زينب خاتون – نوفمبر 2007

من أرشيف ظاظا وجرجير

بما أن العبدة لله لازالت من مشاهدي البيت بيتك و متابعي قنوات النيل المتخصصة وكل القنوات المحلية الأخرى التي تحجب عنك كثيرا المية والنور، فنحن لسنا من ممتلكي دش ولا حتى الواصلة! لذا فقد انطبعت ابتسامة على وجههي و ارتسمت فرحة في عيني وأمي تبلغني رسالة من خالتو بأن جرجير وظاظا خلاص حينتقل من المحطات الفضائية وسيذاع على القنوات المحلية !!
ولو كنتم حتستغربوا شوية إن إزاي خالتو يعني شخصيا مهتمة بموضوع جرجير وظاظا وكأني واللا حاجة من المتخصصين في برامج الأطفال ، فإن هذا الاستغراب يزول عندما أخبركم أن "جرجير" الذي أحبه كثيرا ويحبه كثيرون غيري هو ابن خالتي الفنان "طارق إسماعيل" . فإلي جانب حبي الكبير لجرجير وظاظا ومفتاح ولؤلوة ، فإني بالطبع سعيدة أن فردا من أفراد أسرتي أستطاع أن يسعد المئات من الأطفال والكبار من أمثالي الذين ينتظرون ظاظا وجرجير كل يوم و مسحة من الفرحة الخالصة تكسو وجوههم...وصحيح أني لا أفهم سر تعلقي الشديد ببرامج الأطفال..فمن بكار إلى جرجير وظاظا ويا سلام سلم، لكن شيئا ما يجعلني أريد أن أجيب جرجير وظاظا من جوا التليفزيون (كما كنت اتخيل إنه من الممكن فعل ذلك وأنا ضغيرة) وأمسكهما بيدي وأنا في قمة السعادة والإنفهاش! هل لأني أشعر أن جرجير وظاظا مصريين بما فيهم من تركيبة عجيبة من خفة دم و طيبة وكسل في آن واحد؟ هل لأني أوقن إنه الجيل بتاعنا ده جيل منحوس وماشية معاه بالعكس وإن الأمل إذن في جيل قادم ربما يكون حظة أسعد منا ؟ أنا فعلا لا أدري...
المهم..إني تذكرت حديثا كنت أجريته مع الأستاذ "طارق إسماعيل" منذ ظهور المسلسل منذ عامين وكان قد نشر في بص وطل
--------------
منذ "بوجي وطمطم" لم يطل علينا التليفزيون المصري بمسلسل عرائس يحقق شهرة واسعة وحبا شديدا من جمهور الأطفال.. إلا أن رمضان هذا العام طل علينا بمسلسل عرائس جميل أصبح علامة يتوقف عندها الطفل المصري في يومه العادي خلال شهر رمضان كريم..والمثير أن شهرة المسلسل تجاوزت عالم الأطفال وانتقلت إلى عالم الكبار أيضا.. الذين أصبحوا يحبون "جرجير" و"ظاظا" ويضحكون على مواقفهم الكوميدية وهم يسعون دائما للبحث عن وظيفة... أية وظيفة.. بائع جرائد.. جرسون.. مضيف جوي.. أو حتى مدرب أسود من الممكن أن يفقد حياته في أية لحظة.
ولأني أحب هذا المسسل حبا جما وأجلس دائما في شغف أشاهد "جرجير" الذي أحبه لطيبته الشديدة وتلقائيته رغم كل ما في شخصيته من "توهان" و"خوف" فقد التقيت بالفنان "طارق إسماعيل" (الشاب والفنان القدير) الذي أدى شخصيته "جرجير" في هذا المسلسل..
وعلى العكس من جرجير "التائه" دائما، وجدت "طارق إسماعيل" يقظ الذهن يدرك جيدا ما يريد.. وفي خلال ساعة كاملة أخذ يحدثني عن أدائه الصوتي لشخصية "جرجير" وعن عشقة لفن الدوبلاج في مصر.. ووجدتني بكل ما فيّ من فرحة لمقابلة بطل المسلسل، أشعر بالحزن والشجن على "الورود الجميلة" للفن المصري التي أخذ "طارق إسماعيل" يتحدث عنها... والتي كثيرا ما تكون (كما يقول أحمد حداد في تتر المسلسل) "خارج الفازة"...!
يا جماعة احنا معانا خالو "جرجير" يتحدث إليكم من ميكروفون "بص وطل"... اتفضلوا معانا.. أهلا بكم..
في البداية سألته كيف أتيحت له الفرصة ليلعب الشخصية الرئيسية في المسلسل..
وبصوت رخيم هادئ يشبه من بعيد صوت "جرجير".. بدأ يتحدث...
الحقيقة.. شحصية "جرجير" مش أول عمل أقدمه للأطفال.. فقد شاركت في "بوجي وطمطم" مع الفنان الكبير "رحمي" وعملت مع فنان كبير اسمه "حسن عبد الغني" في مسلسل اسمه "قزقوز وعم لوز"، إلا أن المسلسل لم يحالفه الحظ في ميعاد العرض.. ومع ذلك استمر المسلسل لسنوات طويلة..
وبعد كده عملت في مركز الدوبلاج في التليفزيون المصري وشاركت في أعمال كثيرة للأطفال.. وده أكسبني خبرة وقدرة أن أستعير أصواتا كثيرة.. وبناء عليه تم اختياري لأداء شخصية "جرجير"..
وهنا وعلى طريقة "ظاظا" وتسرعه قاطعته قائلة: "بس "جرجير" ده مش نفس صوتك في الحقيقة.. ده بعيد عنه خالص...!"
ورد "طارق إسماعيل" قائلا: أيوه.. إحدى سمات شخصية "جرجير" أنه بطيء جدا والبطء في التفكير ده هو اللي خلاني أتكلم ببطء وأختار طبقة صوت جرجير.. الصوت ده غالب عليه حرف "العين" اللي أصبح المركز الرئيسي لخروج الصوت.. يعني كل الكلمات التي يقولها جرجير تخرج من طبقة الصوت دي..
والعروسة نفسها بتوضح ده.. هتلاحظي مثلا إن "جرجير" خدوده عريضة ومبططة مش زي "ظاظا" اللي وشه رفيع وشعره مرفوع لفوق.. العروستين متناقضتين في الشكل.. وفعلا واحد حركي جدا اللي هو "ظاظا" وواحد بطيء جدا اللي هو "جرجير"... ومن خلال العروسة ومن خلال الدراما اخترت الصوت اللي يناسب "جرجير"..
وقاطعته مرة أخرى.. بس "جرجير" شخصية عمرها ما بتتغير.. وده بيخليني أحس إن مفيش للمسلسل أي هدف تربوي.. الأطفال بتتعلم إيه من المسلسل؟
(وباندهاش شديد على ملامحه): بالعكس.. في كل حلقة يطرح المسلسل موضوعا مختلفا.. مثلا حلقة النهارده.. "جرجير" كان بيعمل مضيف طيار.. إلا أنه بدلا من أن يهدئ من روع الراكبين في الطائرة أشاع الخوف بينهم.. وده بيدي درس للأطفال إنه لا داعي للخوف.. الهدف التربوي موجود بس بأسلوب غير مباشر...
ولأنه للأسف الشديد دائما ما نهاجم كل ما هو مصري (مع إننا مصريين) ونخلغ قبعة التحية لكل ما هو عربي أو أجنبي.. فكان لازم أن أسأله عن رأيه في الهجوم على مسلسل "بكار" والمسلسلات الشبيهة الأخرى التي تُتهم حاليا بضحالة الخيال وسوء الصورة..
أنا طبعا باحس بالمرارة لما بالاقي الهجوم ده.. قطاع الفنون المتحركة في مصر ينقصه إمكانيات كثيرة يجب أن تكون موجودة.. ومع هذا فإن مخرج بكار "شريف جمال صبري" عمل تنويعا في الأصوات وتجديدا أكثر مما كان في عهد الدكتورة "منى أبو النصر". أنا طبعا مش باقلل من الدكتورة "منى أبو النصر".. بس مش عايز حد يحبط الراجل ده.. سيبوه يشتغل..!
بس مساحة الخيال محدودة في "بكار".. مش كده؟
بالعكس.. العمل معتمد على بساطة المواطن المصري الصعيدي وبيفرز شخصيته وده اللي بيديه التميز.
طب وإيه رأيك في أعمال الأطفال التي تقدم بالعربية الفصحى؟
المفروض إن احنا نقدم في التليفزيون المصري أعمال باللغة العامية المصرية لأنها هي اللي بتنجح المسلسل.. أنا مش باقلل من اللغة العربية، لكن العامية المصرية جميلة ومش وحشة وبتفرز شخصية المواطن المصري وخفة ظله..
المواطن المصري لما بيتحط في قالب آخر زي اللغة العربية بتكون اللغة ثقيلة وده لا يتيح له أن يخرج ملامحه المصرية السليقة..
وهمهمت وأنا أريد أن أسأله سؤالا آخر.. لولا أنه قاطعني وبصوت تعلو نبراته الصدق.. قال كلاما مهما.. مهما جدا..
يا ريت التليفزيون المصري يكون الراعي للأعمال دي.. (وبحزن شديد يعلو نبرات صوته).. زمان (من سنتين تقريبا) كان مركز الدوبلاج في التلبفزيون المصري ينتج أعمالا باللغة العامية المصرية عالية الجودة.. ومصر كان بيدخلها ملايين من الجنيهات من الصناعة دي.. صناعة مسلسلات الأطفال بالعامية.. والتي كان التليفزيون المصري يبيعها لجميع المحطات العربية..لكن دلوقتي بدل ما نستفيد من هذه الصناعة.. تم إغلاق مركز الدوبلاج وأصبح التليفزيون المصري بيشتري مسلسلات أطفال باللغة العربية الفصحى لا تعبر أبدا عن شخصية المواطن المصري!!!
احنا كده بنقضي على صناعتنا بإيدينا...
وأصبح العاملون في قطاع الدوبلاج إما يعملون لحساب شركات خاصة أو لحساب شركات عربية بمواصفات عربية.. لا تقبل أن تكون العامية المصرية لغة المسلسل..!
وده ليه... العامية المصرية مالها؟!
ببساطة شديدة لأن ده مش من مصلحتهم.. احنا بيقابلنا غزو شديد ومهاجمة شرسة من الأشقاء الأردنيين والسوريين اللي لهم خبرة طويلة في تقديم برامج أطفال باللغة العربية الفصحى.. وهم بيجرونا لده عشان تفضل دايما المنافسة في صالحهم.. وده بيحصل في الوقت اللي اتخلى فيه التليفزيون المصري عن دوره في دعم مسلسلات الأطفال التي تقدم بالعامية المصرية..
حديث الأستاذ "طارق إسماعيل" عن فن الدوبلاج المصري المهدد بالانقراض.. جعلني أسأله عن سمات شخصية "جرجير" الذي يراها هو "مصرية خالصة"..؟
شخصية "جرجير" هي نتاج للبيئة المصرية.. فـ"جرجير" مثل كثير من الشباب خريج قاعد في البيت بلا عمل.. البطالة جزء من حياة "جرجير".. "جرجير" في كل حلقة بيدور عن عمل في مكان مختلف بس من خلال حماقات بيعملها.. آه صحيح الحماقات دي كوميدية وبتضحك بس هي مأساة جيل بحاله..!
وهنا (وعلى طريقة جرجير وتلقائيته) قاطعته وأنا أقول له إن "جرجير" دائما لا يصادفه النجاح في أي عمل يقوم به لأن شخصيته لا تتطور.. ومش لأنه ما بيلاقيش شغل؟
ده حقيقي.. بس الواقع بيقول إن كثيرا من الشباب لا يحصلون على فرصة عمل ليس لعيب في شخصياتهم.. بس لأنه مفيش فرص عمل..!
طيب حضرتك تحب تقول حاجة أخيرة..
أيوه.. يا ريت التليفزيون المصري يهتم ببرامج الأطفال.. ويا ريت السيدة "سوزان مبارك" ترعى فنون الأطفال في مصر خاصة فن الدوبلاج.. لما التليفزيون المصري بينتج الأعمال دي، بيكون له ثقله وبيقدر يوزع الشغل.. لكن اللي حاصل دلوقتي إن التليفزيون المصري ساب الموضوع ده لمنتجين صغيرين يدخلون في منافسة شرسة مع الإخوة السوريين والأردنيين.. هم بيستخدموا كل الطرق عشان يبيعوا أعمالهم وبيقدروا يوزعوها لكن المنتجين الصغيريين بتوعنا ماعندهمش نفس قدرة التوزيع دي...!
أغلقت جهاز التسجيل وظل خالو "جرجير - طارق إسماعيل" يحدثني عن مخرجة العمل الفلسطينية "ليالي إبراهيم" التي ترقى لمستوى الفنان الكبير "رحمي" -رحمه الله- وعن "عمرو إسماعيل - ظاظا" الذي أدى دوره باقتدار أيضا وعن منتج العمل "خالد الحميسي" الذي غامر بفلوسه كي يخرج عمل عرائس "مصري" إلى النور...
وحينما عدت إلى البيت وضرب مدفع الإفطار.. كنت أجلس أشاهد مسلسل "جرجير وظاظا" بعين مختلفة.. كان بداخلي شعور بالفخر والفرحة معا.. وكنت مثل "جرجير" أطلق بداخلي "هيهه" ممتدة وأنا أنظر بإعجاب للإنسان المصري الأصيل الذي لا بد أن يحالفه التوفيق حين يستعين بالله ويأخذ قرارا صامتا بأن ما يقدمه لا بد أن ينجح...
من أمام مسلسل "جرير وظاظا".. من أمام شاشة القناة الأولى.. ساعة الإفطار... ألقي عليكم التحية والسلام وكل سنة وإنتم طيبين..

الجدار العازل



إذا كان المجتمع المصري ينظر إلى الأشياء في تضاد لا يقبل تصورا ثالثا: فأنت أما "أهلاوي" أو "زملكاوي" ، وإما "إسلامي" أو "علماني"؛ وإما من "الريف" أو من "مصر"، فإنه لا عجب إذن أن تزداد الهوة وتتسع لو إنك مسلم أو مسيحي.

ولفترة قريبة جدا، لم يكن موضوع المسيحين والمسلمين من الموضوعات التي تشغلني، بل كنت أعتبرها – بالرغم من الحوادث الدامية بين الحين والأخر- من الأكليشيهات التي لابد أن تطرح إذا ما كان اليوم عيد القيام المجيد أو أن هناك إفطار جماعي للرموز المسيحية والمسلمة في شهر رمضان الكريم.

ثم تغيرت وجهة نظري في الآونة الأخيرة ، فبدأت استشعر بالفعل أن هناك شيئا ما "غير سوي" لم يكن هناك في الفترة القريبة الماضية ، على الأقل بالنسبة لي. وللتدليل على كلامي إليكم بعض المواقف التي حدثت بالفعل لي خلال الأسابيع القليلة الماضية:

-- في إحدى المكتبات العامة مع "منى" و"خالد" أميني المكتبة---

منى : بصراحة حالات الناس إللي بتتنصر زادت أوي بشكل مستفز! قال وسمى نفسه بيشوي!

أنا: أيوة...طب ما أنت عندك برضوا حالات لناس بتسلم ...لو دي حالة مش لازم تديها أكبر من حقها...

وهنا تدخل "خالد" مسئول المكتبة ليؤكد على كلامي :

فعلا أن أعرف بنتين أسلموا كده من نفسهم من كام يوم، واحدة منهم حبت واحد مسلم من بلدنا أسمه "محمود" وحيتجوزها.

وهنا وجدت نفسي أقاطعه: بس الحالات دي أنا ما بحترمهاش!

وأزاء ملامح الاندهاش على وجهه رحت أشرح:
"يعني تفتكر البنت إللي حتتجوز واحد مش من دينها...تفتكر يعني موقف أهلها منها حيكون إيه؟ والدتها يعني حتكون فرحانة؟ أكيد حتكون حزينة ومش بعيد تتمنى لو تموت قبل اليوم ده! "

( و بالمناسبة لا أظن أن الوضع كان سيختلف بأية حال لو أن الأم كانت مسلمة تتلقى خبر زواج ابنها من ابنة لاسرة مصرية مسيحية)
----------------------

وإذا كان هذا الموقف جرى في سياق استفزازي من أن هذا المسيحي أسلم وأن ذاك المسلم تنصر، فإن الموقف التالي يعبر بوضوح عن التعصب الذي آل إليه بعض المسلمين:
فقد كنت في زيارة لإحدى المكتبات العامة وكنت أريد مقابلة مدير المكتبة لكي أقوم بتدريس اللغة الإنجليزية هناك.

الرجل - وهو في حكم والدي - بدا لي من الوهلة الأولى غريب الأطوار، فبدلا من أن يلبي طلبي بتدريس كورس واحد وجدته يقول لي بنبرة تمزج بين الجد والهزل "إني خلاص حادرس كورسين!" وعندما رفضت وأنا أقول له إني ظروفي مش حتسمح بأكثر من كورس واحد، أخذ يقول لي في بشاشة:

"وريني إيديكي كده!"

وبحركة تلقائية رفعت يداي لأعلى، فإذا به يقول لي:
" أهو! لا فيه دبلة في الأيد اليمين واللا الشمال! مش عايزة تأخدي كورسين اتنين ليه بقى؟"

والحقيقية أن الله سبحانه وتعالى يمدني في التعامل في مثل هذه المواقف بصبر أحسد عليه ، فرحت أسألة:

"طب لما حضرتك فيه أزمة في التدريس، ليه ما بتطلبش مدرسين من الجامعة الأمريكية؟"

ويبدو أن السؤال أربك الرجل على نحو لا أفهمه ، فراح يسند لي أسباب أقل ما يقال عنها إنها "عجب العجاب"، منها أن القائمين على التدريس في المكتبة بالفعل كلهم "حلوين" وهو يخشى أن يطلب مدرسين من الجامعة الأمريكية فيرسلون له حد "مش حلو!" ثم وجدته يخفض نبرة صوته ويقول لي:

"أنت عارفة طبعا إن إحنا مش ضد الدين ..بس إنت عارفة إن الجامعة الأمريكية أغلبها مسيحيين وممكن يبعثوا لنا حد منهم"

الصراحة أن إندهاشي مما قاله الرجل عن الدين لم يقل بأيه حال عما قاله عن المدرسين "الحلوين" وكأنه يتحدث عن طبق بسبوسة أو بقلاوة! لكني لم أفهم بالضبط سبب تخوفه: هل يظن مثلا إنه إذا قام مسيحي بالتدريس في المكتبة ، سيقوم بالاستيلاء على الكورسات كلها ويطرد إخوانه المسلمين من المكتبة؟ أليس لهذا الرجل جار مسيحي مد له يد العون ذات مرة؟ ألم يقابل في حياته شخص مثل "مينا" جاري الذي ذهب بعربته في وقت متأخر في الليل ليمتلأ تنك عربيتي بالبنزبن؟ بلاش..ألم يركب أتوبيس ذات مرة، فإذا بأحد الواقفات سيدة ترتدي صليبا وبجوارها سيدة ترتدي آية الكرسي، وكلاهما في وضع غير مريح!!
----------------
الموقف التالي حدث بعد ذلك بعدة أيام، فقد كنت في المحاضرة وكان هناك سؤال في الكتاب عما إذا كان في المقابلات الشخصية في بلدك يتم سؤالك عن دينك.

كدت بالفعل أهم بالقول بأنني لا أظن أن أحد في مصر يسأل عن الديانة في المقابلات الشخصية ببساطة لأنها تكون مكتوبة في السي في، فإذا بنشوي – تلميذتي- تقاطعني قائلة إن إحدى الشركات رفضت تعيينها لأنها مسيحية، وإذا بتامر – مهندس ميكانيكا- يقول لي إن إحدى الشركات رفضت تعيينه لأنه مسلم!

الوضع على هذا النحو بدا لي مأساويا بالفعل، فحتى لو اعتبرت تلك الحالات استثناءات ، وحتى لو قلت لنفسك إننا شعب طيب–مسيحين ومسلمين- وهذا حقيقي بالفعل، إلا إني لم أعد أرى أي علاقات إيجابية تنير الطريق، مثلما كان الحال منذ عدة سنوات، فحتى إذا أخذت نفسي كمثال بسيط؛ فأنا لم تعد علاقتي "بسارة" زميلتي القديمة كما كانت، ولم تعد هي متلهفة على محادثتي تليفونيا وأنا لم أعد كذلك، وكريستين- طالبتي القديمة- انقطعت عن محادثتي تليفونيا لأسباب لا أعلمها. هل كان عليّ أن أبذل مجهودا أكبر للحفاظ على تلك البقع من النور؟ هل لابد أن نفعل شيئا حيال تلك القوقعة التي تميز المسيحين والمسلمين الآن؟ هل المسيحون مسؤلون عن ذلك؟ أم أن الحمل الأكبر يقع على كتف المسلمين، وهم الأغلبية؟ وهل هناك بصيص ضوء، أم أن ثمة جدار عازل يتم بناؤه الآن ولن يمكن لأحد بعد سنوات قليلة أن يرى الآخر؟!

سبعة مشاهد لا غير!


المشهد الأول: أنا لاعبة بالية!
أقف أمام مرآة غرفتي وأنا أرفع يديي لأعلى. أستدير وأنا أحرك يديي تدريجيا لأسفل وكأني باليرينا تأخذ وضع الاستعداد قبل أن تقفز في الهواء وبخطوات رشيقة تجوب المسرح ذهابا وإيابا. أخطو خطوة للخلف فتصطدم قدماي بكتب ومجلات ملقاة على الأرض. أشعر بألم طفيف وأندهش حين ترتسم على المرآة صورة لفتاة تشبهني تماما ترتدي زي لاعبي البالية. من المطبخ أسمع صوت والدتي وهي تدعوني لشرب الشاي. أبتعد سريعا عن المرآة وملامح الإحباط تحوم حول وجهي. كان بإمكاني أن أتعلم الباليه وأنا صغيرة. أما الآن فلا أستطيع أن أفعل ذلك، مجرد التفكير في هذا الأمر الآن يبدو مربكا، مربكا للغاية!
المشهد الثاني: لعبة الكوافير
تجيء الساعة الحادية عشرة ويرن جرس الباب رنينا ممتدا وكأنه صفير قطار يطلب من الجميع أن يبتعد. أجري أفتح الباب وأجد مريم وسلمى -بنات أخي- سلمى كانت نائمة وتريد أن تكمل النوم ومريم تفرح لرؤيتي، تحتضنني.. ثم تجلس على الكرسي الواسع في الصالة لتلتقط أنفاسها وتقول لي بصوت عال "إنهارده حنلعب لعبة الكوافير". أبتسم وأجد يدي تمتد إلى خصلات شعري وأنا أرثي لحالي وما سيحدث لي بعد لحظات!
المشهد الثالث: الأمير لابد أن يأتي…
نحن الآن في شهر مارس، على يميني مريم وسلمى وعلى يساري عائشة، ابنة أخي التي جاءت لتوها من موسكو لتقضي معنا بعض الوقت. نجلس نحن الأربعة لنشاهد فيلم كرتون، أنتهز فرصة انشغال عائشة بالفيلم وأمد خدي بجوار وجهها فتطبع قبلة ممتدة على خدي، هكذا ببساطة دون مقاومة منها ودون أن أضطر لمشاكستها. الفيلم قد قارب على الانتهاء والأمير لم يظهر بعد، أيكون هذا الفيلم مضروبا وبلا أمير؟ أضحك لمجرد الخاطر
!
المشهد الرابع: القاهرة الجديدة
في طريق العودة من القاهرة الجديدة، يلفت نظري مشهد للزرع يخرج من وسط المقابر، أقف بالعربة -أنا وأبي وأمي - وأخرج لألتقط صورة بالكاميرا لهذا المشهد. حين أقترب من المكان، يلتف حولي متطفلون وعابرو سبيل، يخبرونني بأن هذه المقابر كانت خاصة باليهود. "يهود!" أقولها بفزع وعيني تتابع امرأة بدوية تسرح بخرفان وسط المقابر. أركب العربية وأنا أفكر في الأمر. هل كانت كارثة ستحدث لو أن اليهود بقوا في مصر ولم يغادروها؟ لا أدري!
المشهد الخامس: عمارة يعقوبيان
أجلس في كايرو شيراتون وليس بجواري أحد يعكر صفوي. ومع ذلك أنا لست راضية تماما ، خلفي تجلس فتاتان كل حديثهما عن قصات الشعر والألوان والبيستاش والمووووف. حتى حين تركت كرسيّ وانتقلت لكرسي مجاور، كان صوتهما يعلو و يستفزني... أوف! البلد دي عايزالها خمسين يعقوبيان عشان الناس تفوق شوية!!
المشهد السادس: البيت بيتك
أفتح التليفزيون على محمود سعد يحاور عمرو موسى عبر التليفون ويسأل "هو البترول ده سلاح ولا مش سلاح؟". يرد عمرو موسى إن الموضوع مش مسألة توصيف وأن المسألة إمكانيات واستعدادات. أشعر بالأسى لأننا أصبحنا أمة مشلولة جهازها العصبي لا يستجيب لأي إشارات تأتي من المخ. شعور بالمرارة يترسب في حلقي كلما شاهدت صور الحرب في التليفزيون وكلما أحسست أننا جميعا مسئولون.. جمعاء ...كل الصامتين...
المشهد الأخير: The END
أقف مرة أخرى أمام المرآة... أتأمل وجهي... أشعر بالرضا أن الله خلق لي ملامح هادئة جميلة على أية حال... أنتزع نفسي من المرآة وأتجه إلى المطبخ لأعد كوبا من الشاي... أمشي باتجاه الصالة وأحس أن بداخلي أسطوانة مفرغة من الهواء... أتحسس ملامح وجهي وأشعر بها جامدة وكأن عليها طبقة من الشمع.. ألقي نظرة على الساعة وأكتشف أنها قاربت على الحادية عشرة.. يرن جرس الباب... ببطء، أفتحه لأجد مريم وسلمى واقفتين أمامي... تبتسمان لي.. تتعلقان بكتفي وتحتضناني...
نشر سابقا في بص وطل

موت موظف...

هيئة سكك حديد مصر تعتذر عن تأخر قطار القاهرة – الإسكندرية عن موعد الوصول المقرر بعشرين دقيقة وتقدم لكم هذا الكوبون بقيمة عشرين جنيها تستحق الخصم من قيمة تذكرتكم القادمة على سكك حديد مصر"_
"والنبي الحكاية مش ناقصاك، إذا ما لحقتش تاخد قهوتك ع الصبح وجاي تفوّق عليا بصوتك النواعمي ده، سيبني في حالي وحياة الغاليين عليك!!!!"-
"أنا آسف يا أفندم على أي إزعاج أكون قد سببته لكم، ويهمني أن اعتذر مرة أخرى باسم هيئة سكك حديد مصر على التأخير وأن أقدم لكم هذا الكوبون بقيمة عشرين جنيه!"-
"بأقولك إيه بقى، أنا متأخر عن معاد الشهر العقاري، والخزنة زمانها قفلت، ومش عارف حاتنيل أبات فين الليلة دي عشان أخلص مشواري اللي باظ بسبب لكاعة القطر الزفت ده، وأنت حضرتك طبعا على قلبك مراوح تلج، طبعا لا كان وراك مواعيد ولا نيله، ولابسلي البدلة العجايبي دي ، اللي ولا بدلة رئيس الوزرا ومسبسبلي شعرك وحاططلي كولونيا مفحفحة."-
"أنا فعلا مش عارف أعمل ايه، لكن أقل حاجة ممكن تتعمل هو تقديم الاعتذار، وكوبون الخصم ده"
- "أنت يعني مش ناوي تلم الدور، عارف إن ما غورتش من وشي الساعة دي ..."
- "طيب حضرتك بس سيب ياقة القميص، واسمحلي أجيب لحضرتك المشرف العام على خدمة العملاء في القطار يؤكد بنفسه الكلام اللي انا قلته لحضرتك".......-
"أنا بصفتي المشرف العام على خدمة العملاء في قطار القاهرة الإسكندرية أقدم إعتذاري باسم هيئة السكك الحديدية عن التأخير وأريد التأكيد على أن شعار الهيئة هو أن "المسافر ملك متوج"، وقد نما إلى علمي إن حضرتك كنت ذاهبا إلى الشهر العقاري لقضاء أمر ما وإن تأخر القطار سيضطرك إلى المبيت لقضاء ذلك الأمر غدا، ولذلك، فأنا لا أقدم فقط اعتذاري واعتذار الهيئة، بل أقدم لكم كوبون مبيت في استراحة الهيئة وكذلك كوبون الخصم، وتقبل اعتذار الهيئة مرة أخرى! حضرتك والله ما هي الكاميرا الخفية ولا غيره، طب شوف حضرتك الكوبونات بنفسك وحتلاقي عليها ختم الهيئة وحتتأكد وقتها إن كل اللي قاله زميلي واللي أنا أكدته تاني لحضرتك صحيح تماما، أمسك الرجل بالكوبونين امساك الصائم في رمضان عن السباب والشجار رغما عنه، ضاقت حدقتا عينيه وهي تتفحص الختم تفحص الصائم في عز الصيف لمائدة إفطار أول أيام رمضان ، تحجرت عضلات لسانه، تلاهثت أنفاسه بحثا عن بعض الهواء، أخذ يفتح أزرار القميص وأسند رأسه إلى مسند المقعد، أغمض عينيه وأسلم الروح ويده ما زالت قابضة على كوبون المبيت وكوبون الخصم

عن مدونة : تأملات ...دوس هنا

Will I die?




مش عارفة ليه لما الدنيا بتمشي عكس عكاس، علاطول بافتكر القصيدة دي إللي كتبتها واحدة زميلتي وإحنا في سنة رابعة في محاضرة د.داليا الشيال؛ القصيدة بتحكي عن زهرة حتنتهي حياتها بعد شوية...



It will be a long, long day,
My little heart tells me so,
Before the sun and its first ray,
I will to unknown place ago,

Will it be as this quiet place?
Full of fresh air, water and light,
Will the sun touch again my face,
I wish this could be right,

I am only four months old,
But I will have no more to see,
It’s my turn now to be sold,
In a few minutes, I will leave my tree.

Few minutes and my killer will come,
To separate me from my body.
Then the heartless, blind and dumb
Will shout: “Flowers are ready”

By noon, I and others will go
To a flower shop to be sold
But what then? I don’t know
That’s all I am used to be told.

I listen, I hear near to me,
A voice, so sweet, loving and tender
I opened my eyes lazily to see
A young lady who resembles my late sister

She picked me up by her small hand,
And held me close to her heart,
Now, I feel my luck is not so bad
Though to unknown place, I will part.

In the evening, she met her lover,
And handed him “me” and a small book
She told him to leave us never
With her innocent delicate look.

Oh, God, I could wish nothing better, those poems
And I will live together forever.

Samar

تأملات... أونلين يا جدعان!

رواد المدونة الأعزاء، إليكم أزف هذا الخبر:

أخي د. ضياء النجار المقيم بألمانيا حاليا في رحلة للعلاج عمل مدونة سماها "تأملات" ، والعنوان بتاعها أهو:
http://ta2moulat.blogspot.com/

و أسمحوا لي من مقري هنا بمصر المحروسة أن أنقل إعجابي بأسم المدونة ، وأقول له :

" حلو أوي يا أبيه الأسم...أصل الحال الأيام دي مش ولا بد! و الروح في المناخير والتأمل حيفيد برضوا... آه والله..ع الأقل الواحد يبقى شايف الدنيا من ورا ستارة حرير مش بلاك أوت حايش النور! وإن كنت مش عارفة أوي إن كان ده له علاقة مباشرة بالتأمل واللا لأ"

ع العموم أنا أحب أقولك كلمة لا يمكن أنساها أبدا ، قلتها في تعليقك على البوست بتاعي السابق ذائع الصيت!

"لا يمكن أن يبقى الوضع في مصر على ما هو عليه الآن..وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"!

صباح التأمل يا أبيه ...صباح الواقع الرمادي إللي إحنا عيشينه وباحلم بيوم يتغير! صباح الأمل!! صباحكم جميعا ... ياسمين وكرازنتم...وفل... و كل حاجة حلوة في الدنيا يارب!

من عيد الاستقلال لجلسة ثقافية!

قد يكون عجيبا أن يتوافق عيد ميلادي في الرابع من يوليو مع عيد استقلال الولايات المتحدة الأمريكية، فأجد على الهوتميل رسائل من بلوماونتن وغيرها تدعوني للاحتفال بيوم خاص جدا، فأظنه للوهلة الأولى أحد الأصدقاء يرسل لي كارت لتهنئتي بعيد ميلادي، فلا تمر ثانية وأتذكر إن اليوم هو عيد استقلال الولايات المتحدة، وابتسم في مرارة وأنا أقول "يا سلام! يعني أمريكا إنهارده بتحتفل معايا" ثم أكمل الجملة في ذهني بعبارة تعلمتها من أخي د. ضياء وهي "يا كرافنتس!" والتي قد يختلف معناها من سياق لآخر، وإن كانت تعني بشكل عام "يا حلاوة" أو شيء من هذا القبيل!
وبما أن شهر يوليو لم ينقض بعد، فأظن إنه بإمكاني أن أتحدث عن السنة المنقضية التي أبحث الآن عن إنجازات قمت بها يمكني أن أتحدث عنها فلا أجد الكثير، بس حنحاول أهو!
فعلى المستوى المهني ، وهو تدريس الإنجليزي، فالإنجاز هو إني بقيت أدرس في مركز التعليم المستمر في الجامعة الأمريكية...ولكي لا تظنوا إني من هؤلاء الذين ينبهرون بأي حاجة فيها كلمة "أمريكاني" واللا حاجة، فأن ما سبب لي حالة إنفهاش وسعادة حقيقية هو كارنية الجامعة الأمريكية الذي يمكني بموجبه استعارة ثلاث كتب من مكتبة الجامعة الأمريكية في المرة الواحدة وهو ما لم يكن ليتوفر لي لو كنت باحثة عادية دون عملي هناك. وطبعا لا داعي للقول بأن كل مرة أدخل فيها مبنى المكتبة أشعر بالحسرة على مكتبة جامعة القاهرة التي تستحق أن تكون على أقل تقدير على مستوى مكتبة الجامعة الأمريكية إن لم تكن أفضل!! وعجبي!
أما على مستوى الكتابة ، فالشيء الجديد هو الكتابة في جريدة الدستور وتعرفي على الأستاذ ممدوح الشيخ، والأستاذ خالد كساب. وبالمناسبة أرسل لهم كل التحية، و إن كنت لا أظن أن أحدا منهم يعرف أساسا إن عندي مدونة بس عادي يعني..أهم حاجة النية!
ولو اتكلمنا عن "الأنشطة" أيوة زي أسم الحصة المدرسية إللي بجد مش فاكره كنا بناخد فيها إيه.. فأنا بلا فخر التحقت بلعبة الأسكواش والكابتن مبسوط مني جدا لدرجة إن الكابتن وقف التمرين مرة وهو بيستعجب :"أنا حاسس إن إنا إللي باجري مش أنت" ، فلم أجد ما أقول سوى إني تعبت من الجري والله تعبت يا جماعة بقى! ونفس الحال تقريبا مع تمرين السباحة..إحم إحم..هو مش نفسه يعني بالضبط..مختلف شوية كده..
إلا إن الحياة مش شقى علاطول، فمنذ عدة أيام دخلت مبنى الإذاعة مع زميلة لي معيدة في قسم فرنساوي، وأجرت معانا الأستاذة بسمة حبيب حوار في البرنامج الأوروبي عن مهرجان القراءة للجميع وإزاي يعني إحنا بتعامل مع الطلبة وإزاي ممكن نشجعهم ع القراية..طبعا قلت لها الحقيقية، وهو إني مش شمشون مع الطلبة واللا حاجة و أنا فعلا كده، وقلت لها اقتراح تاني عن موضوع القراية:
"هو ليه زي ما بتبرع بفلوس للمستشفيات، ما نشتريش كتب ونوزعها مجانا ع الناس؟ في ميدان الجيزة مثلا، فيه ناس بتفضل قاعدة طول النهار في الشارع ، بياع العيش مثلا، أو راجل بيملا ولاعات سجاير، ليه الناس دي ما نوزعش عليها كتب بالمجان ممكن يقروها في فترة عملهم".
و أكملت: "هو الناس لما بتلاقي إن حد فعلا صادق في اللي بيعملوا ومش تبع الحكومة، ممكن ياخدوا الموضوع جد ويهتموا فعلا وممكن يقروا"
بعد البرنامج ما خلص، أخدتنا بسمة حبيب في جولة في أستدويوهات الإذاعة ، وحكت لنا كيف إنها تحب أن تشاهد فيلم صغير على الحب لأنه شاهد على مبنى الإذاعة أيام زمان ، لما كانت كل حاجة بخيرها.
ومن الإذاعة على كورنيش النيل، إلى القاهرة الإسلامية ودعوة من جماعة "جلسة ثقافية" الخميس الماضي لحضور أمسية لهم في بيت السحيمي. وأنت ماشي من الحسين للغورية للصاغة، للدرب الأصفر حتحس بجو أسطوري وتلاقيك فخور إنك بنتمي لبلد عظيمة زي دي بكم التراث المتراكم فيها، و تحس كمان إنك زعلان ع نفسك ، إنك ممكن تكون أحسن من كده، وما أحدش يقول لي الحكومة والنبي، إحنا إللي محتاجين ننهض بنفسنا الأول.
المهم، الحفلة كانت في بيت الخرزاتي إللي هو لزق في السحيمي، وأكثر ما عجبني فيها هو أن جلسة ثقافية قدرت تطعم الموسيقى والأغاني بفواصل أدبية ؛ ده غير إني حصلت في نفس اليوم على شهادة التقدير ، مع زملاء آخرين،عن مجموعة "البلياتشو" ، وأول حاجة عملتها لما رجعت البيت إني شلت الشهادة ورفعتها كده وقلت لهم "بصوا! شوفتوا أخدت إيه ع البلياتشو"!
وأخيرا بقى ، بما إن شهر يوليو أوشك على الإنتهاء، وبما إن تاريخ ميلادي هو نفس عيد الإستقلال الأمريكاني، فأحب أن أفتح زجاجات الكاركادية وأطلق الصواريخ في الهواء لأسرتي الصغيرة بدءا من والدي ، والصغار مريم وسلمى وعائشة إللي في بلاد بره دلوقت وواحشني جدا، وأخويّ محمد وضياء، وأخيرا لكم رواد المدونة الأعزاء وصباحكم يارب أعياد ميلاد وشموع وبلاك فورست واستقلال.. وما تنسوش بقى تقولوا لي رأيكم في الاقتراح (أيوة بتاع الكتب)..شغال واللا إيه النظام؟!!

بين مسجد الحسن والرفاعي!

لا أدري لم أتذكر هذا الموضوع الآن، ولم يلح عليّ وكأني شاهدت لتوي فيلم مأساوي تتواتر مشاهده الواحدة بعد الأخرى أمام عيني بالرغم مني!

-------------------------------------------

كنت في رمضان الماضي في محاضرة عن الأثار الفرعونية بالجامعة الأمريكية، كان قبل المحاضرة إفطار بالطبع، وفي حديقة مكتبة الكتب النادرة، جلست على الطاولة وبجواري ثلاث أشخاص من جنسيات مختلفة ، امرأة يابانية ، وأستاذان أجنبيان عرفت بعدها أن أحدهما أمريكي ويدعى بروفيسور "إيزي" والآخر كندي الجنسية لا أتذكر أسمه الآن.

كان الجو لطيفا بالفعل، وراحت المرأة اليابانية تحكي لنا عن طوكيو ، وتتعجب من المجتمع المصري المليئ بالأطفال، وكنت أضحك بداخلي وهي تحكي لي إنها أينما ذهبت لابد أن تجد أطفال حولها!

ابتسمت بالفعل وأنا أتذكر تعبير "مصر ولاّدة" وقلت لها إن الناس في مصر فقراء ، لذا ينجبون كثيرا لأن أولادهم يساعدوهم في أعمال مهنية. لكن الناس المتعلمين على الأغلب ينجبون طفل أو ثلاثة على الأكثر.

ارتسمت علامة الارتياح على وجهها وكأني بالفعل ساعدتها في إيجاد مفتاح لمغارة علي بابا التي كانت تود أن تراها، وأحذت هي بشكل تلقائي تكمل حديثها عن بواب العمارة التي تسكن فيها وهي تقول لي في دهشة أن له ثمانية أولاد!

وتماما كما يبدأ لحن الأوركسترا هادئا إلى أن تنضم إليه آلات أخرى مثل التشيلو والكونترباص، بدأت المحادثة وديعة هادئة ثم تغيرت نغمتها بعد ذلك!

فقد أخذ البروفيسور إيزي (أيوة الأمريكي الجنسية) يتحدث عن الحجاب والنقاب، ثم أخذ يتحدث بتعجب عن الفتيات الذين يغطون وجووهن. ثم أخذ يرفع يده و ينزلها في هدوء وكأنه مايسترو يضبط نغم باقي العازفين وهو يقول لي:

- أنت فتاة جميلة ، لكنك لو كنت ترتدين ملابس سوداء وتغطين وجهك ، لكنت خفت منك، ولما فكرّت في محادثتك!

استفزتني الجملة بالطبع ، وحاولت بالفعل أن أكبت اضطرابي ولسان حالي يقول "يا عم ولا تزعل نفسك خالص، والله كان يبقى أحسن"!

ثم أخذت أرد عليه أني لست بالطبع مع التزمت ، لكن ذلك يحدث لأن مساحة أي حاجة تكاد تكون معدومة في مصر (ديموقراطية، إقتصاد، إلخ ، إلخ) ومادام ليس هناك أي أمل في تحقيق أي أحلام في الدنيا، فليكن الأمل في الأخرة إذن! وقلت له إن لو فتاة تجاوزت الخامسة والثلاثين وخطبت ثلاث مرات وفي كل مرة تفشل الخطبة لأسباب مادية على الأرجح، فلا يمكن أن ألومها وأقول لها لماذا قررت أن ترددي النقاب، لأن ذلك سيكون كثيرا !

هدأ الجو بعدها قليلا ، ثم وجدت الأستاذ الكندي ينضم هو الآخر إلى المقطوعة و تحدث عن القرآن وتفسيراته وأننا لازلنا نبقي على تفسيرات جاءت منذ أربع عشرة قرنا.

كان عقلي يعمل بسرعها وقتها كي أفهم ماذا يقصد ، ورحت أرفع بصري إلى السماء وأنا أنظر إلى السحاب الرائق الذي يتداخل مع زرقة السماء.

ثم قال لي أنه يفهم مثلا أن الهدف من تحريم لحم الخنزيز وجود بعض الديدان الضارة في اللحم، لكن الآن العلم قادر على إيجاد أنواع مهجنة من الخنازير لا تحوي تلك الديدان الضارة، فلماذا نحرمه حتى الآن؟

كنت وقتها بالفعل أشعر أني مثل حارس المرمى المطلوب منه أن يسدد ضربة الكرة الآتيه إليه، ورحت أقول لنفسي في أسى :"إيه الحلاوة دي! والله أنتم شوية ناس زي العسل"!

وما أن انهى الرجل كلامه عن لحم الخنزير، قلت له وأنا أنظر إلي المساحة الحضراء أمامي أن هذا الكلام من الممكن أن يحدث في كندا أو أمريكا لأنهم ببساطة يملكون التقنيات الحديثة التي قد تجعلهم ينتجون أنواعا من الخنازير معالجة وراثيا، وتخلو من الأمراض، لكننا في مصر لا نمتلك تلك التقنيات، ومادام الموضوع كذلك ، فسيبقى أكل لحم الخنزير محرما لأن العله من وراء تحريمه لازالت قائمة.

الغريب أني أحسست إن البروفسيور الكندي استراح لإجابتي على نحو ما، ثم قال لي بالإنجليزية:
That is a very good point!

ثم عرفت بعدها إنه كندي مسلم! وإنه أيضا يرى أن الرسومات المسيئة للرسول (عليه الصلاة والسلام) لم تحترم ثقافة العالم الإسلامي، وأخد يقول إنه تقبل تلك الرسومات لأنه كندي نشأ في ظل الثقافة الليبرالية، لكنه لو كان ينتمي لثقافتنا، لكان تضايق مثلنا.

تناولنا الإقطار ورحت أحدث نفسي وأنا ألقي الأطباق البلاستيك الفارغة في سلة المهملات."يا عم إحنا مش بنعرف حتى نصدر القطن بتاعنا، خنازير إيه بس إللي حنهتم بهم!؟ إحنا فعلا في عالم وأنتم في عالم تاني خالص!"

--------------------------------

لكن المقطوعة السادسة عشر لباخ لم تنته! فما أن صعدنا جميعا إلى المبنى لحضور المحاضرة، حتى انهال البروفسيور "إيزي" عليّ بالتعليقات التي جاءت في ظاهرها مجرد أسئلة ، لكنها في باطنها شيئا آخر بالطبع:
"ألا تشعري أن الإسلام أساء للمرأة؟ لماذا يصلي السيدات خلف الرجال في الصلاة؟ أليس من الذوق أن يكون السيدات في الأمام؟ لماذا ترث المرأة نصف ما يرث الرجل؟ ماذا تري؟ هل إذا ما تزوجت ستحتفظين بأموالك كما ينص الإسلام؟ وهل هذا شيئا واقعيا في العصر الذي نعيش فيه؟"

لم أستطع حقيقة أن أرد على كل النقاط التي طرحها الأستاذ الأمريكي، بل إني شعرت بدرجة من الإضطهاد ودرجات كبيرة من عدم الارتياح وحاولت أن أكبت اضطرابي وأنا ارتب الكلام في ذهني كمن يطلق الطلقة الوحيدة في بندقية لا يعرف إن كانت ستعمل أم لا:

"الإسلام لم يهن المرأة! في الإسلام المرأة لها أموالها زي الراجل بالضبط ، وتتقاضى نفس الأجر زيه في العمل، لكن في الغرب الست لسّه بتاخد نص مرتب الراجل. الإسلام ما أهنش المرأة ولا حاجة
."
----------------------------------------

انتهت الوصلة الغنائية عند هذا الحد (حمدا لله بالطبع) ، وفي تمام السابعة والنصف مساء، كنت أقف أنا و عشرون زميل وزميلة تحت قبة مسجد الحسن و الرفاعي بالقلعة، كان انعكاس ضوء القمر على قمة الجامع بحجارته الكبيرة الرحبة، يبعث بداخلي شعورا بالرهبة، وتخيلت نفسي وكأني صعدت إلى السماء، وأصبحت جزءا من المشهد، انتبهت إلى صوت "محمد الرزار" قائد الفريق وهو يحكي لنا عن الجامعين وتاريخهما.

ورحت أنظر إلى قبة المسجدين في أسى وكأني انظر إلى حبيب لا أدري لم هجرني وتركني وحيدة، ولوهلة تخيلت جامع الحسن يدا كبيرة تحتويني، وتطبطب عليّ! تأملت الأحجار والزخارف في الجامعين، حاولت أن التقطت صورا في ذهني يمكني أن استرجعها بسهولة فيما بعد! ثم تحركنا جميعا ورحنا نجوب الأحياء الإسلامية القديمة!

------------------------------------------------

في الصباح كانت الحياة تعود كما كانت، أركب العربيه، فـتلتقط عيني عبارة طويلة عريضة لصقها صاحب العربة على الزجاج الخلفي "فداك أبي وأمي يا رسول الله"، ابتسم في مرارة وأول ما اقترب من ساحة كلية الآداب، أجد آيات وأحاديث علقها طلبة بجوار الأشجار، خطوات للأمام فأجد أصوات لشرائط القرآن صوتها يعلو وتتداخل مع بعضها البعض ، فأدرك أن هناك معرضا لبيع الشرائط الدينية! أعود للبيت، في الليل ، أفتح الإنترنت ، واتصفح المدونة التي كنت قد أعددتها كي أكتب بها مقالات عن الرسول عليه الصلاة والسلام باللغة الإنجليزية ولم أكملها، اتصفح الصور التي وضعتها بها في أسى، وأمام عيني يتردد فلاش باك للمظاهرات العارمة ضد الرسومات، أغلق جهاز الكمبيوتر، وينتابني شعور غريب، كأني في سرادق عزاء لشخص شهير تسابق الكل في إظهار حزنهم عليه من أجل كاميرات التليفزيون وكاميرات المحمول! جاء اليوم التالي ، ركبت العربة، ورأيت نفس العبارة في الصباح "فداك أبي وأمي يا رسول الله" ، وضعت المفتاح في العربية ورحت أهدهدها في تأثر "يلا يا لوزة! أمشي بقى! خليكي حلوة أمال؟" ، وبعد العديد من التك تك و تسسسسسسس تحركت العربة وبدأ يوم جديد!

خمسة وعشرين جنية! يا فرج الله!

كانت مقابلتي لزميلي في وسط البلد محددة وواضحة الأهداف، أن أسلمه القصص التي كتبتها وأن يسلمني روايته كما وعدني لأقرأها. ولأني أتوه في شوارع وسط البلد، فقد قررت أن أنتهز الفرصة ونذهب سويا لإحدى مكتبات شارع "شريف" حيث تركت عدة نسخ من "البلياتشو"، يمكن حظها يضرب كده وتتباع وأحصل في النهاية على خمسة وعشرين جنيها وأحصل أيضا على خمسة قراء جدد للمجموعة (النسخة يعني بخمسة جنيه)!
وطوال الطريق إلى شارع "شريف" كنت أتحدث مع زميلي وأنا أفكر في مصير النسخ الخمس التي تركتها في هذه المكتبة من سنة تقريبا.. يا ترى اتباعوا؟ نسخة طيب يا رب.. أي حاجة!
ولأن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فقد تعرفت على نسخي منذ أن وطأت أقدامي المكتبة تماما كما تتعرف الأم على أطفالها وسط المئات من الأبناء والبنات! هم الخمس نسخ زي ما هم! وطوال الطريق في شارع "شريف" كنت أحمل النسخ الخمس في كيس بلاسيتك شفاف أزرق وأنظر لها بين الحين والآخر في حسرة... لم أشعر بها مجرد كتب بل أحسست بها وكأنها أولادي الذين جرى العمر بهم جميعا وللأسف الشديد لم أستطع أن أفرح بأي منهم!
ولأني كنت أريد أن أخرج من جو الإحباط، فقد رحت أحكي لزميلي عن القارئ الليبي وأشرح له:
- أيوه.. أصل أنا في نهاية "البلياتشو" كاتبة الإيميل بتاعي ومرة واحد بعث لي من ليبيا وقال لي إنه اشترى الكتاب هنا من مصر من مكتبة "روز اليوسف" وإن المجموعة عجبته.
كان هذا الحوار يدور بيني وبين زميلي في طريقي إلى مكتبة "مدبولي" في ميدان طلعت حرب هذه المرة. والذي انتهى وأنا أضحك وأقول له:
- تعرف! يعني حتى القارئ الوحيد إللي بعث يقول لي رأيه في المجموعة طلع مش مصري.. طلع ليبي!
ثم دخلنا مكتبة "مدبولي" ذات الكتب الكثيرة في المنتصف والتي من الصعب معها أن أتعرف على كتبي فيها سواء كانت أولادي الحقيقيين أو حتى بالتبني!
وفي نبرة رضا حزين سألت الواقف في المحل عن النسخ:
- هو حضرتك في حاجة اتباعت من "البلياتشو"؟

- أيوه.. الخمس نسخ خلصوا.. احنا عايزين منك نسخ..
لم أصدق ما سمعت وانتابتني حالة من الفرح المفاجئ لدرجة أني تلعثمت في الكلام وبدلا من أن أقول له إن النسخة بخمسة جنيه، قلت له إن النسخة بخمسة وعشرين جنيه! وإزاء ذهول ملامح الرجل، أدركت أني قلت له الرقم غلط:
- قصدي يعني حضرتك إن الخمس نسخ بخمسة وعشرين، آه، وإنتم بتبيعوا النسخة بسبعة جنيه!
خرجت من المكتبة وأنا أقول لزميلي في فرح: شفت؟ خمسة وعشرين جنيه!
ولم أستطع أن أخفي سيل الابتسامات على وجهي وأنا أقول له:
- تعرف، أنا لازم أطلع منهم حاجة لله!
حين ذهبت إلى البيت، كانت أمي تفتح لي الباب وأنا أقول لها الخبر السعيد..
- شفتِ يا ماما؟ فيه خمس نسخ اتباعت من البلياتشو!
ورحت أسلم والدتي الخمسة والعشرين جنيها –التي كنت وضعتها في جيب خاص في الشنطة- وكأني لا أسلمها مجرد فلوس بل شهادة تقدير! ورحت أتخيل وأنا أقف في البلكونة خمسة أشخاص يحملون الكتاب، واحد فيهم وضعه على الكوميدونو حيث كان يقوم بقراءته قبل النوم، أما الآخر فقد وضعه في حقيبته ولابد أنه سيقوم بقراءته في المترو اليوم، أما الثلاثة الآخرون فلم أشأ أن أرسم صورة واضحة لمعالمهم، فقد رحت أنظر إلى المساحة الخضراء أمام عيني وإلى الناس الذين يعبرون الشارع ورحت أحدث نفسي:
- خمسة وعشرين جنيه بحالهم! يعني خمسة قرأوا الكتاب! يا فرج الله!
نشر أولا في بص وطل

ثور على نفسك و نفّض للتخلف وخش عليه عدل !

في الأول الموضوع حيبان صعب أوي.. كل ما ينقطع نفسك في تمرين، وتقول خلاص حتفرج ، تلاقيك لضمت في إللي وراه علاطول و كأن الشقى مكتوب عليك يا عيني على طول الخط! يمين..شمال ...تسعة ...عاشرة... و ساعتها تتغاظ وتقول لنفسك "أنا ولا يهمني! أنا جاي هنا بفلوسي! " ، وتقف تتفرج ع الناس إللي حواليك وكل واحد فيهم بسم الله ماشاء الله بيطوح رجليه مرة هنا ومرة هناك، وتعجبك الفرجة و تقرر إنك ما تكملش التمرين أو حتى تحرك رجليك بنص لبة ضمير، و شفايفك مرسوم عليها الحسرة إنه كان زمانك دلوقتي مأنتخ على كنبة بيتكم ولا حتى واقف في المطبخ بتضرب كوباية نسكافية أو فنجان قهوة من غير سيجارة (لزوم الصحة بقى!) ، وإذا بك تلاقي المدربة ولا المدرب يرفع صوته ويقول لك "افرد رجلك ...كده ركبتك توجعك" ، ويمكن تتغاظ أكثر لما تلاقي الزُمل إللي جنبك اتلفت لك و ساب التمرين خالص عشان يقولك تعمل التمرين إزاي، وساعتها حتبقى مش طايق نفسك وتقول له في سرك "أصلها نقصاك هي يا حبيبي، خليك في نفسك وحياة خالتك!" وطبعا مش حتقدر تقول له كده لأنك قوي وشجاع زي ما هو باين من الكلام أهو! و لما تخلص الليلة دي، حتدخل على ليلة ليلاء تانية وتلاقي كل واحد في الصالة راح على جهاز رياضي وأنت لوحدك إللي بطيئ ...بطييء، وتاخد بعضك أخيرا وأنت مطأطأ الرأس منزوع النفس و تقعد على جهاز زيهم و أنت بتضرب نفسك ميت صارمة إنك جيت هنا، وتلاقي الزمل إللي جنبك ابتسم لك وقعد يحكي لك (من غير ما تسألوا والله!) إنه نزل عشرين كيلو خلال شهرين بس! و تلاقيه بيشاورلك على كل زميل كفاح في الصالة وتكتشف إن الدنيا دي غريبة أوي وإنه إذا كنت إنت قرفان عشان ساعة واحدة هيلا هوب وأمال إللي بقالوهم شهور هنا يعملوا إيه! و تلقي نظرة فاحصة ماحصة على إللي حواليك و صوت الأجهزة يلعلع في ودنك وكأنك في سبوع كل واحد فيه ماسك في إيده هون ..لأ شاكوش...وبيدق فوق دماغك عدل.. وتقول لنفسك إنك عارف إنك حد مش قد كده وسط العالم الحلوة دي وإنك خلاص حتعلن التعئبة العامة! وتجمع شتات نفسك وتستلهم القوة من أبسط الحاجات قدامك، يعني مثلا رباط الجزمة الكوتشي إللي اتفك من رجل الأخ إلي قصادك أو التيشرت بتاع زميلك إللي اتسبغ بالعرق وبقى لون فاتح ولون غامق، وتقول لنفسك خلاص ..أنا من اللحظة دي بقيت إنسان تاني..أنا دلوقتي إيجبشان مان بحق وحقيقي...أنا شمشمون..وتختار لك أعتى جهاز موجود وتبتدي تعد ومع كل زفير طالع تحس إن فيه حاجات مش عجباك بتقع وتتحطم قدام عينك.. واحد ...تظ.. في السلبية إللي بقينا منقوعين فيها..اتنين.. في الكذب والنفاق...ثلاثة.. في التزمت والإنغلاق إللي جايبنا لورا..اربعه...في إللي تفتكروا فضة ويطلع كريتال.. عشرة..مش قادر أكمل! أنا تعبت خلاص ..سايق عليكوم النبي كملوا أنتم بقى!


(اعتمادا على تجربتي مع حصة الإيروبكس الأسبوعية! )

هاجر

كل يوم أسأل نفسي نفس السؤال: إيه إللي يخلي الواحد يقعد في البلد دي؟ حد يجيب لي حاجة واحدة تستاهل إننا نكمل فيها؟ إنك تسمع الأذان مثلا؟ ما إنت هناك برضوا ممكن تسمع الأذان ع الموبايل. حتقول لي إننا ناس متدنين، وحنفتقد الروح دي. حقول لك إن التدين عندنا بقى شعارات تشوفها متعلقه ع العربيات و بوسترات متعلقه تقول لك صلي و صوم، وصلي ع النبي، في الوقت إللي أنت سايب فيه ناس زي برنارد لويس وغيرهم يهاجموا الإسلام و أنت قاعد تتفرج عليهم، لأ ومش بس كده الحقيقية أنت بتأكد إنك بالفعل متخلف، لما تطلع في شوية مظاهرات وتهلل ضد شوية رسومات وكأن الإسلام إللي فضل عشر قرون ماسك شعلة الحضارة هو بيت من ورق حينهار لمجرد أن واحد نفخ فيه؟
ليه ما نهاجرش؟ هو مش الرسول (عليه الصلاة والسلام) هاجر لما لقى إنه قعاده في مكة مش حيؤدي أهدافه لنصرة الإسلام، ونصرة الإسلام دلوقت أكيد مش إنك تفضل قاعد في بلد في النفس الأخير، ولا إنك تروح تصلي في الجامع وتقول كام حديث نبوي وغيرك وصل لقمة التقدم العلمي والحضاري؟

هو مش القعاد في البلد دي يبقى كده مضيعة في العمر، وحرام؟ حرام لإن الإسلام طالبك إنك تكون في المقدمة وإنت دلوقت يا عيني ولا حاجة خالص، وحرام لإنك في إيدك تصحح الصورة وإنت برضوا مش بتعمل حاجة.

فاضل حاجة وحيدة متيهألي هي إللي ممكن تصعب عليك بجد، الناس الطيبين إللي بتقابلهم في الشارع كل يوم، بياع النعناع إللي جنب بيتكم، إللي ماشي بعجلة و بيحمد ربنا على الفطار والعشا، شرب الشاي مع والدتك واللا والدك في العصاري بالنعناع برضوا، كل ده أكيد حيصعب عليك. بس برضوا ...الهجرة دلوقت جهاد.

ليه ما نهرجش بس؟ إذا كانت الطيور بتهاجر

اللقاء الثاني



-1-
يلفني الخجل كلما نمت بداخلي مشاعر إعجاب تجاهه؛ كنت في الماضي أحدثه وأنا أتابع تعبيرات وجهه دون قلق أو خوف، الآن أتحاشى النظر إليه أو أبتعد سريعا بعيني مثل عصفور، ينظر إلى الأفق من بعيد وهو على وشك الطيران. حتى الأشياء التي أرتبها في ذهني كي أحدثه فيها، تتبخر ولا يتبقى منها سوى فقاعات من الكلام، أحس بها مثقلة وأحس بنفسي معها وكأني محارب يضع على رأسه خوذة ويرتدي دروعا حديدية تحميه وتقيد حركته... أتضايق من القيود وأحاول أن أتحرر... أستعيد إرادتي... أتذكر كل الانتصارات الصغيرة التي حققتها... ألقي بالدروع والخوذة جانبا... أترك خصلات شعري تنساب... وأتنسم الهواء..
- 2-
بإمكاني الآن أن أفعل أشياء لم أفعلها من قبل.. فأنا لم أعد فوق الأرض، بل فوق السحاب... أجلس في هدوء على البساط الأحمر وأنا أسند يديَ للخلف... حين أمد بصري إلى أسفل، أحس بروحي ترفرف، وأنا أرى الكون من تحتي صغيرا وبيني وبين الأرض مسافات... أضحك وأنا أمسك بيدي قطعة من السحاب الأبيض الناصع...
- 3-
في مسرح كبير يشبه السيرك، أرتدي حذاء باليه وأقف على منصة عالية.. من هذا المكان سأسير على حبل ممتد أمامي أصل به إلى منصة أخرى في نهاية المسرح... أرفع يديَ وأنا أحيي الجمهور... قبل أن أخطو أولى خطواتي، أسمع صوت صفير.. أنظر بعيدا.. فأراه هو واقفا على الطرف الآخر من المنصة، يحيي الجمهور قبل أن يخطو على الحبل مثلي، مجنون هذا؟ هل نسى قواعد اللعبة؟ لو أننا مشينا سويا على هذا الحبل الممتد، فلابد أن أحدنا سيفقد توازنه ويقع!
4-
أنا الآن أمشي في شوارع وسط البلد، للقاهرة طعم آسر في الليل، نبيذ أحمر ونعناع وشاي بالبرتقال.... أتفرج على المحال من حولي.. ملابس سهرات، قمصان نوم، كل شيء. في محل للملابس يقف موديل يرتدي بنطلونا أنيقا وقميصا أبيض وعلى وجهه ابتسامة عريضة... أحملق فيه، تستفزني ابتسامته المفتعلة.. أنظر إليه من فوق لتحت... أدير ظهري وأنا أنظر إلى المحال من حولي وأعبئ صدري بالهواء... متى ستحرر القاهرة من أغلالها وتحررني معها؟ متى؟
-5-
قررت أن أصرخ... سأقف في ميدان التحرير في جوف الليل وأقول ما أريد.. سأحكي لها عن القيود... أقص لها ماضيها... علها تثور... تنتفض.. تحطم الأغلال التي تقيد رقبتها وتقيدني.. سأبكي بين يديها... وأقول لها إنها تهون كل يوم وإن الدنيا تضيق بي ولم أعد أحتمل...
- 6-
أنا الآن بجواره أحدثه... لم تتبخر الأشياء التي أريد أن أقولها كما تصورت.. يتقلص الخوف بداخلي ويتلاشى وأنا أفكر فيما سأقوله لها حين يأتي الليل.... أغادر... وأمشي وأنا أشاهد المباني ذات الطراز القديم وأتأمل جمالها الآسر رغم السنين... أصل أخيرا إلى وسط البلد... أمد بصري إلى السماء وأوقن أن الغروب لم يحن موعده بعد... أتوقف عن السير وأغمض عيني لوهلة فتتبدد المحال والبيوت من حولي وتتشكل قاهرة أخرى أمام عيني... ذات سحر خاص وجمال أخاذ.. أندهش وأفتح عيني لأجدني واقفة كما كنت.... أفيق إلى نفسي... وأنظر إلى السماء من جديد، أتوق إلى لحظة الغروب... أكمل السير.... ويمتد بي الحلم

من مجموعتي القصصية القادمة
ويا مسهل يا رب :))

ده بلوج محترم من عيله محترمه!

بما أن البلوج بقالوا فترة ماشي في اتجاه رومانسي طريق مصر أسكندرية الصحراوي، فقررت إني أغير المود إلى حبة هسس و اخترت لكم قصيدة.. هي مش قصيدة أوي يعني ...أو مش قصيدة خالص..هي ممكن تكون أغنية فلكلورية عن الحب.

الأغنية مش تأليفي ، الحقيقية هي من إبداع أخويا "د.ضياء الدين زاهر" إللي دلوقتي في رحلة علاج في ألمانيا، بس هو الحمد لله طلع من المستشفى وفي مرحلة نقاهة ، ومتابع حتى البلوج بتاعي ، وهو ما يجعلني في حالة سعادة وإنفهاش طبعا..

أبيه ضياء مش مجرد أخ، لأ، هو إللي علمني يعني إيه الواحد يفكر بشكل مستقل وبحرية بس في نفس الوقت حرية مسئولة ، وكل مقال كتبته في صفحة الدين في الدستور ، وكل مذاكره ذاكرتها، وقصص البلياتشو، ومؤخرا مقالات ضربة شمس، كان بتشجيع ومتابعة منه شخصيا بالرغم من البعد و رحلة العلاج، و كله طبعا بفضل الله سبحانه ودعوات أمي وأبويا لنا كلنا .

نرجع بقى لموضوعنا، الأغنية دي أخويا كان قال هالي مرة زمااان ، وساعتها كنا بنتكلم عن الأغاني الهابطة، وقال لي يا بنتي الأغاني الهابطة دي مفيش أسهل منها ولقيته بيقول لي الأغنية دي، ولأني كنت مبهورة بها فكتبتها في كراسة ومن ساعتها حافظاها.

الحاجة الكويسة إللي ف الموضوع إن البلوج بتاعي حينور و يلعلط لأنه أخويا حيشاركني الرد على أي تعليقات ترد على الأغنية..أخوّة بقى وكده...بس سعادتي مش بس لانه أخويا وكاتب تلك الأغنية المهسهسة، بس لأن أخويا مدرس في الجامعة، ومترجم و مفكر، وده إللي يخليني أفخر أكثر إن حد زيه يعلق في بلوجي .

عشان ما تتخنقوش مني ، أكثر من كده، الأغنية أهيه ومستيه تعليقاتكم
وصباحكم ياسمين وكرازنتس وإكلير وكل حاجة حلوة في الدنيا :)

استوب

حبيبي الغالي عليّ
إللي ملاني جراح
بيحاول يلعب بيّ
دايما مسا وصباح
قفل بالضب عليّ
وخد معاه المفتاح

حبيبي بالراحة عليّ
ده أنا قلبي حتة تفاح
اقطم فيه بحنية
وكده أنا حاكون مرتاح

حبيبي يا حلو يا عنبر
ده أنا لسه في التليين
خف السرعة عليّ
وحاسب ع البنزين

استوب استوب استوب
ما بلاش شغل الهيلاهوب
عايز تملك قلبي
املكه يا حبيبي بالحب

ما بلاش شغل الحركات
والآه والنظرات
فاكر قلبي يضعف
واللا ميزانه يطب
استوب استوب استوب

كلاكيت مصر الجديدة



مرة واحدة صاحبتي قالت لي أن الولاد يحبوا البنت إللي تحسسهم إنها جامدة أوي و جميلة أوي وأنا لا جامدة ولا جميلة
..
قصدك يعني تكون سوبرومان؟ مش لازم يعني البنت تدخل مع إللي بتحبه ماتش ملاكمة عشان تحسسوا إنها بتحبه، كفاية إنها تحس من جواها إنها جميلة عشان تحسسوا إنها جميلة، وبعدين أنت مش جميلة؟
أصلهم كانوا دايما يقولوا نجوى مش طالعة بيضة وحلوة زي أمها
.
يعني ما فيش راجل قالك قبل كده إنك جميلة؟
مع احترامي لكل الرجالة إللي قابلتيهم طول حياتك دول ما بيفهموش حاجة. ويعني إيه قوة؟ أنت جاية من المنيا عشان تدوري على صاحبتك تهاني ودي قوة
فيه إيه مالك، أنت بتدوري على حاجة؟!
--------------------------------------------------------------------------
اعتمادا على الذاكرة ، قصة وسيناريو: وسام سليمان ، إخراج: محمد خان
وصباحكم جميعا فل وياسمين :)))

رحلة الألف ميل

ستجد ملامحه أمام وجهك فتشيح بوجهه بعيدا وتغلق عينيك كي لا تري شيئا، ستحدثه فترتبك وينتابك الخجل وكأن شخص آخر تلبسك وكأن إنت مش إنت، وفي لحظات أخرى ستهرب إلي السماء، تنظر إلى السحابات وهي تسير فوقك بينما تقف أنت محلك سر، تطيل النظر إلى الأفق، و تلوم نفسك إنك اخترت الشخص الغلط منذ البداية، وتراقب حركة السحاب وتداخلها فتحس لوهلة إنك ما إلا إنسان عبيط ، أحب إنسانا عبيطا آخر، وتبتسم في أسى وأنت تخرج هاتفك المحمول، تضعط على الحرف الأول من أسمه، و تدوس على كلمة ديليت ، وتؤكد لنفسك عن كذب أو صدق إنه لا يستحقك؛ وتبتعد عنه فيصيبك الألم، وتدفع وجهه بقوه هذه المرة، ويسقط مرة على الأرض أو أخرى تلقي به في النيل؛ وتصعب عليك نفسك، و يهفو خيطا رائقا من الحزن على وجهك، تخفيه وسط الناس والدنيا الزحمة، وتعود إلى نفسك من جديد، وتقنع نفسك كده وكده إنك أكثر قوة الآن ، وإنك لن تتأثر أبدا حتى لو حدثته ، وتكتب الرقم وتمسحه وتغلق شاشة المحمول وتفتحها، و تكاد تبكي فزعا ما أن تمتد يدا إلي كتفك تطبطب عليك، وفي إندهاش تلتفت إليها وإنت تفكر كيف عرف ذلك الشخص إنك ضعيف و تحتاج إليه الأن، وتشكر الله في سرك ، وتضيف رقما جديدا على هاتفك المحمول ، وتبدأ الرحلة من جديد، ترتسم ملامحه أمام وجهك، تتأمل السحابات التي لا تتوقف عن السير، ثم تقترب فيبتعد، و تبتعد فيقترب، و تظل تبحث عن الحقيقية ولا تجدها، وتهرب إلى نفسك من جديد، وتخرج من عزلتك، فتطل برأسك على الدنيا لتكتشف إنك في رحلة أبدية من البحث وإن كل ما فعلته هو أنك تحركت بضعة أمتار إلى الأمام وإن السحاب تسير فوقك وأنت لا يزال أمامك مسافات وأميال.

نشر في الدستور أولا (كنص أدبي)

الدنيا حبة صور

منذ فترة قريبة كنت أظن إنه ليس من اللائق أن أضع صورة خاصة بي في المدونة، ربما لأني شخص يميل للتحقظ بالأساس أو لأني لا زالت احتفظ بفكرة عن الحياة والناس قد تدعوك للابتسام والدهشة في بعض الأحيان، ثم فكرت أن كل شيء يتغير في هذه الدنيا وأن كلنا راحلين وما يبقى على وجه التحديد هو عملك الطيب (كما يقولون) وحبة صور!

الصورة هي إذن :


على اليمين تجلس زميلتي العزيزة نهى محمود، في المنتصف الأستاذ بهاء طاهر و على اليسار أجلس.

مهما قلت من كلمات شكر للروائي الكبير ، فلن أفيه حقه ليس فقط لأنه كان فرحا بالترحيب بنا حين قابلناه مصادفة في مكتبة ديوان، فاستشعرت معه بنفس الفرحة التي تنتابني حين أقابل أبي مصادفة وكأني كنت أبحث عنه في الدنيا الواسعة دون أن أدري، ولا لأنه اتاح لنا مساحة من حديثه الرقراق فشعرت بالفعل إني أمام جدول من الماء أقف مدهوشة أمامه وأنا أقول لنفسي إن الله لابد راضيا عني وإلا لما وضع أمامي كل هذا الخير، ولا حتى لأنه قال لي إنه يتابع مدونتي وإنه قرأ البوست الذي كتبته عن واحة الغروب وظللت أقول له وأنا ابتسم في سري إني ضربت محمود بالقلم لأنه ضايقني ولأنه يستحق، ليس لهذه الأشياء منفردة أشكره، بل لشي آخر لا يمكني تعريفه أو التعبير عنه ، لتلك المشاعر الغريبة التي انتابتني وكأن أبي وأمي كانا يحتضناي وكأن كل من أحب يعطونني الورود والهدايا ، وكأن الكون بأكمله تجسد في صورة ساحرة طيبة تنثر علي النجوم وتهدهد قلبي، لكل تلك الأشياء التي لا أعرف كيف أصفها أشكره، وبقى أن أشكر أيضا زميلي العزيز الذي التقط هذه الصورة بكل ما حملت من معاني وذكريات...

الحياة بلون الورد !

منذ فترة قريبة اكتسبت عادة شراء الورد، أذهب لمحل الورد بجوارالجامعة واشتري لنفسي وردة على ما قسم الله ، مرة قرنفل مع الزنبق، مرة وردة بلدي لازالت تتفتح، اليوم كانت من المرات القلائل التي شعرت الحياة كوردة، تذكرت تلك الأغنية، نسيت الفرنسية، لكني لم أستطع أن أمنع نفسي من أن أقف أمام المرآة ، أتهادى وأنا أقول بكل ثقة "كالكوشوزا"، لأول مرة أريد أن أهدي أغنية للعالم ، لأمي وأبي وأخي الأكبر وأصدقائي وزملاء الكفاح الأعزاء القليلين، لكل أساتذتي في الجامعة الذين أثروا فيّ ، لأحمد الشامي وداليا الشيال، لسحر الموجي التي عرفت منها قيمة الجمال و الخير، لعلاء الأسواني الذي اخرج لنا كنزا ذات مرة وهو يسمعنا لحن هذه الأغنية المهداه إليه، لفارس الأحلام المجهول الذي أترقبه في شغف كما تترقب الأمهات وصول طفلهم الأول، و لأخي ضياء القابع في آخر الدنيا، أدعو له، و أرجو خروجه من المستشفى في أقرب وقت، لأحكي له عن الدنيا التي رأيتها وردية ذات مرة، لأقول له إني افتقده، وأخاف أن أفقده، وإن الدنيا لم تعد كما رأيتها ذات مرة، بلون الورد


أن تكون دكتووور إنجليزي!


منذ أن عرفت الخبر وأنا في حالة غريبة ، لدي استعداد لكي أضحك على أي شيء تقريبا مهما كان تافها، اليوم جاءت لي طالبة بعد المحاضرة ، قالت لي إنها تحب أن تراني وأنا أضحك، قلت لها إنه ليست من عادتي أن أضحك في المحاضرات ، لكن بطل القصة التي أشرحها يدعو إلى الضحك بالفعل، القصة تدور عن رجل روسي يقيم حفل زفاف لابنته، الرجل يحب السمك، وعندما رأى السمكة في المطبخ ، لم يتمالك نفسه فانحنى وأخذ يلعق شفتيه، الخادم كان يمر بالجوار ، فظن أن الرجل يقبل الخادمة ! تشيكوف ده مسرخة! قلتها في سري وأنا أنظر للطالبة التي أخذت تحدثني عن دكاترة القسم ، قسم إجتماع.
أصل حضرتك همه بيشتمونا!

بيشتموكم إزاي يعني؟ شتيمة شتيمة يعني؟

أيوة ..الدكتور إنهارده قال لنا أنا عايزكم تقعدوا زي الجزم، ودكتور تاني قال لواحد إنت نحجت في الترم الأول حاسقطك في الترم التاني.

حاولت أن أبدو بملامح محايدة، لكني لم أستطع، علت على وجهي ابتسامة وأنا أقول لهم في اندهاش "لا..الموضوع ده غريب..ده يضحك أكثر من تشيكوف" ، نظرت في وجه طالبة بجواري فوجدتها تخفي شعور بالارتباك بداخلها، أعرف ذلك الشعور جيدا، أن تشعر بالخجل لأنك لا تحب أن يراك شخصا ما تحبه في موقف ضعف، لم أجد ما يمكني قوله سوى إن عليهم ألا يكونوا سلبيين، ليتحدثوا مع هذا الدكتور إذن أو غيره ويفهموه إنهم غير ذلك، وإنهم ليسوا مسئولين عن سلوك طلاب معينة من الدفعة، تركوني والابتسامة لازالت تعلو وجهي!

غلابة الطلبة دول، يشتكون لي أزمتهم مع الدكاترة ، ولا يعرفون إني لا اختلف عنهم كثيرا، منذ أربعة أيام وأنا أقاسي في القسم كي أحصل على البطاقة الوردية، مشكلتي إني أبدو طالبة في رابعة جامعة على الأكثر، لو كنت دخلت القسم وزعقت فيهم وقلت لهم "أنا دكتورة شيماء زاهر" كانت البطاقة أحذت منى يومين بس!

مشيت في الكوريدور في اتجاه المصعد، ضعطت على الزر، ضعطت مرة أخرى ثم اكتشفت أن عامل المصعد روحّ خلاص ولو فضلت حتى واقفة لغاية انتخابات الرئاسة الجاية، الأسانسير مش حيطلع، سرحت في المشهد أمامي، الأنوار بالليل تضيء قبة الجامعة تجعلها جميلة، جميلة بالفعل، تحركت من مكاني، ورحت أفكر، ألهذا يحبوني؟ لأني الوحيدة التي أعاملهم كبني آدمين بينما بيعاملهم باقي الدكاترة كجزم وكراسي، لو كان الأمر كذلك ، فهذا يعني ببساطة إن مفيش فايدة، ألم يقل لي شخص ذات مرة إن البلد دي ما ينفعش فيها إصلاح ، وإن كلها عايزة تولع وتتبني من جديد..أة والله قال كده ..تولع!

ما أن خرجت من السلالم إلى بهو المبنى، كنت أسمع طالبة تقف مع طالبة أخرى ، وهي تقول لها إن "دي الدكتورة بتاعتنا" ثم أردفت "دي دكتورة زي العسل" ، ابتسمت بالطبع، والأخرى تسألها "دي دكتورة إيه؟" قالت لها "دي دكتورة إنجليزي" ، والله فكرة، يعني هو لما حد يسألني إنت تخصص إيه لازم يعني أقعد ربع ساعة أشرح له في فروق ما بين ستيليستكز و لينجويستكس ، ما كده حلو أوي ، "أنت بتشتغلي إيه؟" ، علاطول أجاوب "أنا دكتورة إنجليزي"، قشطة والله، روحي يا شيخة ربنا يكرمك، في الطريق إلى العربة ، استوقفتي طالبة كي تسلمني التعبيرات التي طلبتها منهم، أخذت تقول لي وعينيها تضحك إن المرة القادمة حتجيب لي تعبيرات أخرى، قلت لنفسي إن واضح إن العيال دول فاضين لي بقى! فتحت باب العربة، وأخذت أحرك الدريكسيون وأعود بالعربة للخلف، ابتسمت، تذكرت نفسي وأنا أغمس أصبعي في الحبر السري في ارتباك وكأني مثلا سأحقق بعدها نصرا عظيما! أهو ولا حاجة تغيرت! وما حدش يقول لي تزوير والنبي ، عشان الناس في البلالا أساسا ولا فارقة معاهم آه ولا لأ!

عبر بوابة الجامعة الرئيسية، كنت أمسح ملامح الابتسام أمام حرس الجامعة؛ وبعدين أنت مزعلة نفسك ليه يعني؟ ما الدنيا حلوة أهه، والعيال بيسمعوا الكلام و بيطلعوا الكلمات من قاموس ، وكله ألسطة، يا شيخة فرفشي أمال، ده العيال بيحبوكي يا شيخة، هو فيه حد يلاقي حد يحبه في الزمن ده؟ بلا تعديلات دستورية ، بلا يحزنون! ورحت أفكر في أنطون تشيكوف والرجل الذي أحب السمكة الملظلظة، والله إنت مسخرة يا شيكو، لأ بجد ، دماغ يعني!

أن تحب قلّه

على قدّ ما قد يبدو الموضوع تافها ومضحكا على السطح، إلا إنه مش كده! الفكرة جاءت لي وأنا استمع إلى أغنية لمحمد فوزي عبر أثير الراديو، كنت أجلس بجوار والدتي ، وإذا بي فجأة أطلب منها أن تنتبه ، عشان فيه حاجة مهمة سأقولها بعد الأغنية. انتهت الأغنية ورحت أقول لوالدتي في تعجب:

شفتي يا ماما..أنا طول عمري كنت فاكرة الأغنية حاجة، دلوقتي فهمتها على حقيقتها. ورحت أحدثها وداخلي يبتسم ، وكأنها مثلا هي التي كتبت كلمات الأغنية:

"ممكن تفهميني يعني إزاي يحب واحد ماشفهوش قبل كده؟ إزاي يبقى ولا في ماضي يجمعهم ولا مرة جمعهم مكان و يحبها، إزاي؟ ولا مرة حتى؟"

ولأن والدتي لا تختلف عني كثيرا من حيث الطيبة وما إلى ذلك، فراحت تكمل معي الحديث:
"يمكن شافها مرة وحبها و بعد كده ما شفهاش تاني"!
ورحت أكمل وأنا أضحك معها :
"أيوة .. كانت بتدعدي الشارع وكان هو واقف مستني الأتوبيس! والله ممكن ...قصدك يعني زي إللي بيحبوا بعض أونلاين من غير ما يشوفوا بعض..بس إيام محمد فوزي ما كنش فيه إنترنت!"

ثم تذكرت ساعتها موضوع الرجل الذي أحب قلّه، كان فيه راجل في سالف العصر والأوان يمشي تحت بلكونة فيرى امرأة ظنها فاتنة ترتدي بيشة، وظل يتعلق بها كل يوم، ويحبها، حتى أن أكتشف ذات يوم إن حبيبته ما هي إلا قله، ترتدي بيريه على رأسها، خوفا من دخول الناموس والهاموش إليها طبعا!
-------------------------------------------

انسحبت إلى غرفتي وأنا أفكر في القصة وتواترت الأسئلة إلى ذهني: طب يعني هو الراجل كان شعوره إيه لما اكتشف إن البنت إللي بيحبها مش حقيقية ولا تمت لواقعة بصله؟ طب يا ترى لما كان بيعدي على البلكونة بعد كده، كان بيبص لمكان القلة، بيفتكر حبيبته إللي حبها بخياله وما شفهاش تمام زي محمد فوزي بالضبط؟ حركت رأسي يمينا ويسارا و توجهت إلى الراديو وأنا أدير المؤشر على محطة الموسيقى ورحت أقول لنفسي:
طب وإنت مستغربة الراجل ليه؟ طب ما ده بيحصل دلوقتي، لو فتشتي في كل واحد منا، حتلاقيه كان بيحب قله في يوم من الأيام...ثم أخذت استدعي بداخلي كل حكايات الحب التي سمعت عنها بدءا من تلك القارئة العجيبة التي أرسلت لنا مرة رسالة في بص وطل إنها معجبة ابن الجيران وهو كمان بيكلكس بالعربية كل ما بيشوفها ! مرورا بحكايات أخرى لشاب أحب فتاة في صمت طيلة أربع سنوات وكانت علاقتهم لا تتعدى "صباح الخير" و"صباح النور"، أو شاب لا يريد الزواج ولا يقدر أن يحب فتاة أخرى لأنه يعيش في سجن الحب الأول.

نحن إذن في مجتمع قلل، قلتها لنفسي في ارتياح وكأني وجدت التفسير لأمر كان يحيرني منذ زمن، ثم توجهت هذه المرة إلى كمبيوتري وأخذت استمع إلى العزيز براين آدمز في خالدته، "سأكون خطوتين بالخلف"، و"عندما تحب أمرأة "

ابتسمت وأنا اتخيل براين آدمز يغني أغنية للرموش أو العيون أو الضحكة الحلوة أو نيني العين ..كما هوالحال في الأغاني المصرية!

وأخذت أفكر بصوت عالي:
لأ...بجد، يعني مش يمكن ده هو أحد أسباب تخلفنا؟ إن إحنا بتمسك بحاجات غير منطقية أحيانا؟ يعني الغرب وصل القمر وإلخ إلخ وإحنا عندنا لسه شباب زي الورد ممكن يعيش في حالة صادقة من الحزن بسبب روح القلل الطاغية علينا وإن اختلفت درجاتها بالطبع؟ طب مش يمكن بالعكس، تكون دي الحاجة الوحيدة إللي كويسة فينا، يعني في الوقت إللي الغرب قد يعاني لأن العلاقات عندهم قايمة على المنفعة الجسدية في المقام الأول ، الشرق (المتخلف) عنده الدفئ، الصادق في كثير من الأحيان حتى لو كان مبالغا!!

طب إيه؟ يعني الحل إي؟ نرمي القلل ونخسر معها كما حقيقا من الدفئ و المشاعر الطازجة ؟ طب الغرب صح ..أكيد برضوا لأ ، وإلا لما كانت تلك الحكاية التي سمعتها من أخي ذات مرة عن أستاذ في الجامعة انتحر ليس من الفقر كما يحدث في مصر، بل لأنه اكتشف إن حياته لا جدوى لها؟ طب إيه بس؟ نفضل زي ما أحنا؟ أكيد أنا مش بادعي للنموذج الغربي ..بس برضوا فيه مشكلة حقيقية عندنا في موضوع المشاعر، ولو فكرت شوية حتلاقي موضوع القلل ده مرتبط بأحداث سياسية إحنا مرينا بها.. لأن المواضيع بتنفد على بعضها في النهاية..أنا مش بادعو لتحطيم القلل بس فعلا فيه حاجة غلط فينا..يمكن مش قادرة أحددها بس ما يمنعش إني حاسة بوجودها وبتؤرقني في بعض الأحيان...
---------------------------------------------------
نرجع بقى لموضوعنا ، الأغنية بتاعة فوزي أسمها "تملي في قلبي " والحقيقة أنا باحبها أوي مع كل ما أثارته بداخلي من تساؤلات...صباح الجمال والميه بالنعناع والليمون..قلل بقى وكده

كلاكيت تاني مرة: البحر بيضحك ليه؟

بداية باعتذر عن إللي علقّ على البوست ده إللي اتمسح عن طريق الخطأ
أنا عايزة بس أبارك مرة تانية لإبراهيم معايا عشان كتاب مغامير "عندما يتمرد الصدى" إللي صدر عن دار "أكتب" وفي رأيي المتواضع طبعا :) إنه حاجة تفرح في عالم الجماعات الأدبية إللي هي كمان لوحدها حاجة كويسة
وبما إنه كله كويس وكده :) فالقصيدة مرة تانية أهه وصباحكم ياسمين وليلي و فل
البحر بيضحك ...ليه؟
مبسوط ومزأطط...ليه؟
فرحان بشبابه الدايم؟
طب مش بيعجز ليه؟
أشمعنا إحنا إللي بنكبر...
وهمومنا معانا بتكبر...
وشباب البحر بيكبر...
وشبابنا بيصغر ليه؟
************
البحر بيضحك ...ليه؟
مبسوط ومزأطط...ليه؟
بيغني ويرقص ليه؟
طب مش بيعيط ليه؟
مالهوش أحباب هجروه...
مالهوش أحلام خذلوه
مارجعش ف مرة لشطه...
لقى شمسه ورمله باعوه؟
***********
البحر بيضحك...ليه؟
مبسوط ومزأطط...ليه؟
بيغني ويرقص...ليه؟
طب مش بيصّرخ ليه!
الخوف ما قطعش طريقه...
الجوع ما مسحش بريقه...
الظلم ضلامه ما حلش...
على موجه ونشف ريقه؟
**********
البحر بيضحك ليه؟
مبسوط ومزأطط ليه؟
بيغني ويرقص ...ليه؟
متفائل قوي كده ليه؟
ما يكونش البحر اتجنن
مايكونش اتعمى ف عنيه
مش شايف حتى طشاش
على شطه بيحصل إيه؟
البحر بيضحك ليه؟
البحر بيضحك ليه؟
محمد طلبة

واحة الغروب

لصقت جسدي بالحائط وأستأنفت القراءة وأنا أتابع "فيونا" التي تعاطفت معها كثيرا، أحب هؤلاء الطيبون الذين يتعاملون مع الكون بسماحة، وأرثي لها لأنها لم تتزوج! كانت بالفعل تستحق شخص مثل محمود الذي لا أدري كيف أحب "كاثرين"، المأذون الذي عقد قرانهما في أول الرواية معه حق في كل كلمه! لا تستحق كل تلك التضحيات يا عم محمود! وتخيلت محمود أمامي وهو يمشي ذليلا وراء كاثرين، فقررت أن أقطع عليهما الطريق وصفعته على وجهه! رأيته أمام عيني وهو يضع يده على صدغة من أثر الألم وينظر لي والغضب يتطاير من عينيه. فرحت أقول لنفسي إني على أقل تقدير كنت سأنظر لة نظرة ازدراء من قوق لتحت! ورحت أنظر إلى اليمين، فوجدت البنت توشوش زميلتها. أغلفت الكتاب ومشيت بعض خطوات تجاهها. قطبت جبيني، وما أن عدت إلى الطاولة في الأمام وفتحت الكتاب حتى ارتسمت ملامح الرضا على وجهي من جديد، لو كنت وحدي في البيت لربما قلت "الله" على هذه الصفحة التي تحكي فيها كاثرين عن الحزن في الحب، هو فيه حزن كمان في الحب يا أستاذ بهاء؟ بعدت الكتاب عن يدي لوهلة وأنا ارسم ملامح الإندهاش:"غريبة! أنا مندهشة؟ حزن! إكتئاب؟". توجهت إلى الشباك، ورحت أتطلع إلى الأشجار التي تهفو في رقة، استدرت إلى الداخل، ألقيت نظرة عابرة على الطلبة وأنا أسأل نفسي إن كانت فيونا أحبت محمود؟ هل معقول إنها لم تكن تدرك؟ لم تحب "مايكل " ودي فهمتها –لعبقريتي الشديدة! – طب ومحمود؟ يا أستاذ بهاء لسه فاضل خمسين صفحة عشان أعرف الإجابة؟ حرام عليك بجد!

نظرت إلى المدرج ، فلم أجد إلا قليل من الطلبة يجلسون متباعدين. فرحت التهم السطور ولم أنتبه إلا و الأساتذة الملاحظين يقتربون مني ويقولون لي "خلاص" وفي أيديهم أربعين ورقة إجابة. ابتسمت ورحت اتبعهم لغرفة الكنترول. حبكت يعني الإمتحان يخلص دلوقتي؟ كنت حافر كده في السريع الأربعين الثلاثين صفحة الفاضلين! كان لازم يعني؟!

البحث عن حسحلاوي!

لا أجد خير من هذه الحادثة الطريفة كي أعود إلى المدونة:

أما "حسحلاوي" ، فهو من قام بسرقة قصة لي كانت قد نشرت في بص وطل، والموضوع جاء بالصدفة حين كنت أبحث في جوجل عن رابط قصتي لقراءة التعليقات التي جاءت عليها، ولكن بدلا من الرابط المطلوب وجدت رابط للقصة في منتدى قطري! ورابط آخر لمنتدى يدعى "مراحب".

والحقيقة إني امتاز بحسن نية لدرجة أحسد عليها، لذا ما ظننته في البداية أن شخص ما قد أعجبته القصة، فقرر نشرها في المنتدى وكنت أظن أنه لابد قد ذكر أسم كاتب القصة أو حتى من أين أتي بها، لكن هذا بالطبع لم يحدث! ما فعله هو أنه وضع القصة كمشاركة له في "منتدى القصة" في كلا الموقعين ، ولم يذكر أي شيئ عن إنها منقولة أو من أين جاء بها! ولم يكتف بذلك، بل أخذ يرد على المعجبين والمعجبات بكتابته في المنتدى في تباته وبجاحة غريبة:
"متشكر على مرورك الغالي"
"أسعدني للغاية إعجابك بالكلمات"
"ما أسعدني أكثر هو تواجدك في صفحتي المتواضعة "
"لا تحرميني تواصلك وتواجدك المستمر"
كنت استشيط غضبا دون مبالغة وأنا أقرأ تعليقات حسحلاوي على الردود التي جاءت على
القصة معظمهم من البنات طبعا! ورحت أقول لنفسي في غضب "بتتمنظر قدام البنات على حساب قصصي يا حسحلاوي! والله لأخرب بيتك!"

وخلال دقائق ، كنت قد اشتركت في المنتدى وأرسلت تعليقا لحسحلاوي! أقول له فيها إنه عيب عليه يسرق قصص الناس ويقول إنها بتاعته ! ثم وضعت له تحذيرا مفاده إنه إن لم يلغي المشاركة، فإني سيكون لي كلام آخر وتصرف آخر معه!
بعدها هدأت قليلا ...أعدت قراءة التعليقات على القصة واكتشفت اكتشافا هاما وهو أن السارق لا يدعى حسحلاوي كما كنت أظن، بل "حسن حلاوة" ولكن هكذا أنا وقت الفرح أو الغضب تدخل الحروف مع بعضها بشكل لا يخلو من إبداع فعلا! الإكتشاف الأشد وطأة إني وجدت قصة لي آخرى في المنتدى من إبداع حسن حلاوة! (مش عارفة أقول إيه الحقيقية؟)

المهم ، بعد مزيد من التهديدات إلى حسن حلاوة، ويوم ويومين ، كانت القصة كما هي في الموقع! كل ما تغير إنه أضاف إلى القصة كلمة "منقول" في النهاية ! ولغى بالطبع تعليقي الذي أقول له فيها إنه قام بسرقة القصص!

لا أدري حتى الآن ما هو "الكلام الثاني" الذي سأقوله له أو ما سأفعله كي يلغي حسن حلاوة قصتي من على المنتدى، عزائي الوحيد هو هؤلاء القراء الذين أعجبتهم القصة ، حتى لو كان حسن ده هو إللي سارقها!

القصة بالمناسبة أسمها "اللقاء الثاني" وكانت قد نشرتها بص وطل من فترة ليست بالبعيدة!

أستغماية!

هي العبة التي نحب أن نلعبها دائما وأنت تتصور أن ما تكتبه أولا وأخيرا لنفسك وذاتك بينما أنت تكتبه أولا وأخيرا لغيرك من القراء! وغيرك يلعبها معك فتجد مثلا أصدقاء يتابعونك وربما لا يصرحون أبدا إنهم يتابعون ما تكتب، ربما خوفا من أن تظن أنهم يتجاوزون حيز خصوصياتك! وتنتهي اللعبة حين تصادف، شخص يقابلك في مكان ما و يفاجاءك:
آآآه..هو أنت فلان الفلاني؟
أيوة
مدونتك أسمها ... ؟
أيوة
أنت بتكتب في المكان الفلاني؟
أيوة
ثم تكتشف بعد ذلك أن ذلك الشخص أو غيره يتابعك جيدا ويعرف كل ما كتبته، وربما تفرح مثلي، أو تسرح قليلا في إبتسام وأنت تحس أن تتابع الجمل التي قالها لك، يذكرك بمشهد في مسرحية شاهد..أيوة المشهد ده إللي بيتعرف فيه عادل إمام على الشخص القابع في القفص في جمل سريعة متتالية كتلك التي كنت تسمعها منذ قليل، مع الفارق طبعا!
لكل هؤلاء الأعزاء القليليين أعتذر أن المدونة ستتوقف عن الكلام لفترة ربما تطول ، وكل ما آمله هو أن أجد في تلك الفترة ما قد يستحق أن أكتب عنه بعد ذلك، وأعود أقف كواحدة من هذه الدائرة الكبيرة الرحبة من الرفاق، أضع منديل على عيني ، يتخللها بصيص من الضوء على الرغم منه، ونعود سويا من جديد...

حُب على كف عفريت!

كان عندي إنفلونزا وكنت مجبرة على النزول لأسلم الطلبة في القسم مقالاتهم ، وكانت الشمس نسبيا مشرقة و كان لرؤية الطلبة في نفسي أثر طيب ، جلست على كرسي عليه كومه من الأظرف البيضاء والطلبة من حولي في كل مكان حتى على الترابيزة البنية القديمة التي تسع بالكاد فنجانين من القهوة وكوب ليمون، شعرت بالزهو وأنا المح نظرة الإعجاب في عيون الطالبات من حولي: إيه؟ هل هو مفعول لبس العيد؟ أكونش وحاشتوهم ولا حاجة؟
أرى شادي يبتسم لشيء كنت أقوله لا أراه يدعو للإبتسام . اتوقف عن الكلام : "هو فيه حاجة يا شادي"؟

- لا أبدا..أصل هو إللي عايز يمشي ويروح الحمام، و يشير بيده إلى الطالب الأسمر الآتي من جزر القمر.

ابتسمت رغما عني على ملامح شادي ، كتمت الغيظ بداخلي وأنا أردد "يارب أنت كريم، توب عليّ من العيال الحلوين دول والشغلانة دي بقى!"

بعد قليل، كنت أحدثهم عن مفهوم الثقافة:
- يعني مش لازم يكون اتنين من بلدين مختلفين عشان يكون ثقافتهم مختلفة، ممكن يكون اتنين من بلد واحدة بس لكل واحد فيهم ثقافة مختلفة..وألا أنتم رأيكم إيه؟ يمكن حد فيكم له رأي مختلف؟

وعلى طريقة مجلس الشعب، كانوا الطالبات الجالسين أمامي يهزون لي رأوسهم في إبتسام دلالة على الموافقة، وفي أقصى اليمين كانت طالبة ترفع صوتها وتقول لي إنها مش مقتنعة بكلامي وإن الناس إللي عايشين في البلد بيكون لهم ثقافة واحدة، فرحت أسألها:

-هو مثلا الناس إللي ساكنة في مصر الجديدة زي الناس إللي ساكنة في مدينة نصر؟

أكيد حتحسوا بإختلاف ، مصر الجديدة تعبر عن مصر الليبرالية، بس مدينة نصر مش كده، الناس فيها أميل إلى التحفظ،، مصر كانت زمان مختلفة بس لما جت التيارات الدينية لمصر من السبعينات المجتمع اتغير ، نسبة من الناس إللي ساكنين في مدينة نصر همه الناس إللي كانوا عايشين في الخليخ ورجعوا ، شوفوا طراز البالكونات في مصر الجديدة و البلكونات في مدينة نصر، حتحسوا إن فيه فرق.

والحقيقة إني مجرد ذكري للأخوان في معرض الكلام أثار ضحك الطلبة: "أيوة الأخوان"!
ورحت أعقب إني مش ضد الإخوان في حاجة ، بالعكس همه بيتعرضوا للإضطهاد و فيهم ناس كويسة.

ويبدو إني محظوظة في لخبطة الأفكار من حولي دائما! فقد جاءت لي بعد المحاضرة طالبة ترتدي الخمار وتقول لي في معرض الحديث إنها مش بتحب الأخوان!

وتماما كما تنظر للسماء و أنت تحاول أن تستشف إن كانت ستمطر أم لا، رحت أسألها في يأس، ليه؟ همه الأخوان بيعملوا إيه يعني؟

- الأخوان مش بيعملوا حاجة عشان الحكومة لّماهوم ، أنا أعرف ناس منهم كويس ، اتسجنوا وطلعوا من السجن ، واحد منهم قال لي إني لو كنت فضلت بره السجن، كنت حابهدل الدنيا، هو نفسه بيقول لي إنه ما كنش حافظ قرآن وما كنش يعرف حاجة عن الدين!

وفي الحقيقة (مرة أخرى!) إنها قالت كلام آخر عنهم لا أريد أن أذكره هنا، المؤكد إنها تركتني في حالة شديدة من الحيرة، ورحت أعارضها:
- بس ممكن يكون دول فكرهم وهابي ، فيه فرق ما بين الأخوان والناس إللي جايه من السعودية!
- لأ دول أخوان وبعدين أنا أبويا يعرف ناس منهم كويس.

وكسرطان البحر الذي يتقوقع على نفسه مع تلاطم الأمواج، بدأت ألملم حاجاتي سريعا وأتجه للعربية وأنا أريد أن أحتمي بها، وضعت المفتاح، وأنا أتصور نفسي في مشهد بانورامي أرى الطلبة من فوق وكأني أقود فور باي فور وليس ... ، اندفعت بالعربية و في طريق كلية التجارة، كنت ألوم نفسي "ما هو أصل إنت إللي جايباه لنفسك؟ مالك إنت ومال الإخوان؟ من أمتى يعني لك في السياسة؟ تعرفي تردي يا هانم! " ثم استدرت بالعربية وأنا أخرج من أسوار الجامعة تجاه الشارع الأكثر رحابة، ومع أول إشارة كنت أرفع بصري للسماء واتنهد "يارب أنا تعبت خلاص! ياعني ولا حسني نافع ولاجمال نافع! ولا حتى الأخوان؟" ورحت أتذكر المشهد الشهير لعبد السلام النابلسي "أبسطها يا باسط !" ، وبحركة تلقائية رحت أضع يدي على كتفي لأتأكد إن كانت حلة الملوخية لم تسقط بعد! من الآخر يعني أنا في إنتظار حلة الملوخية! ولا أبالغ إذا قلت إن مصر كلها في إنتظارها "افرجها بقى يا رب! لأجل حبيبك! افرجها بقى! "

اخترنا لكم...حنان في الريف و خلي السعادة عادة مع ميادة!

وحشتوني جدا   أنا انهاردا في جو تمانيناتي جميل وباسمع هدى القمر لإيهاب توفيق والدنيا دندنة وباكتب لكم وأنا حاضنة البطانية  عاوزة اشاركم حاجت...