خبر حلو

كنت قد عرفت منذ عدة أيام أن قصتي الأولى "المظاهرة" التي كتبتها بعد "البلياتشو" قد فازت في مسابقة نجلاء محرم. صحيح إن الموضوع مافيهوش فلوس خالص. بس أنا بصراحة إنبسطت إنها فازت ، لأن القصة دي كانت حظها وحش مع النشر. كل ما أوديها في حته ما تتنشرش ..بس ربك بقى لما يريد. أهي الأمورة حتتنشر أهو وتطلع في كتاب و يتوزع ع النقاد والصحفيين ...و سلام كبير...
بعدها بيوم واحد ، جاء لي إيميل من صحفية سويسرية بتعمل شغل على كتابات النساء في مصر. اتقابلت معاها إنهارده وحسيت إني كبرت بجد عشر سنين قدام وهي بتسألني عن بدايتي في الكتابة وأتأثرت بمين، وأنا باحكيلها برضوا عن قصصي الأخيرة والبلياتشو. أتأثرت بسحر الموجي لما درست لي في الكلية، حبيت دارية و سحر ، بحب اكتشف تاريخ المسلمين عشان دي لحاجة إللي ممكن أفتخر بها دلوقتي، (وهو فيه حاجة تانية ؟) ، عايزة اتعلم بيانو ، واعرف أكثر عن المسلمين زمان، عن التاريخ القبطي والفرعوني، حاجات كثير...
مصر..لأ ..حتكون أحسن...فيه جيل طالع دلوقتي مش بيهموا حاجة... أنا عمري ما اشتركت في مظاهرة لأني مش هاستحمل الضرب والإهانة ..بس على الأقل باعبر عن رأيي في كتابتي...في جيل عايز يغير الواقع ومين عارف؟)

بين عالمين...

في أحيان كثيرة أشعر أني امتلك العالم، حين تكون أمي راضية عني وأمر عبر المرآة فاكتشف إن لوجهي ملامح جميلة، أو حين يتحقق الحلم، وأقف على المنصة في مدرج 203 ، أحمل الميكروفون في يدي و أقف أشرح مادة المقال ، أو حين تطبع عائشة ابنة أخي ذات الشبر والنص قبلة على خدي، فأصحو من النوم لأجدها تهرب من الغرفة، أو حين أكتشف أن شخصيات ظننتها قاسية وجافة تحمل داخلها دفئا لم اتخيله من قبل، كأن تقابلني مشرفتي على الماجستير في القسم ، فأجد ملامح وجهها المنهكة تضيء وأنا أحدثها ، وكأنها تستمع إلى ابنتها الحقيقية وليس مجرد طالبة...

وأحيانا أحس أني على باب الله، شخص خجول بالرغم من كل شيء، عائشة في موسكو و مريم وسلمى في ألمانيا، والميكروفون في يدي حائر بين نظرات الطلبة الهائمة و التوبك سينتس، والبارجرافز ، أتنهد ، فأجد الجالسين أمامي يشاركوني نفس الشعور ، "منة" تجيئ لي بعد المحاضرة وتقول إنها بتكسف ومش بتعرف تجاوب ، و"محمد" يجيء كي يحدثني في شيء لا أتذكره، أخرج من المدرج لأجد ولاد وبنات متصاحبين، يجلسون على الرصيف ، يحملقون في وكأني آتي من كوكب آخر، أركب العربة لأجد طالب "مهذب" قد تلكأ أمامي وهو يبتسم "أيوة ما تدوسيني"!

أعود للبيت لأجد أمي تصلي العصر، تتوقف لحظة عن التسبيح لكي تطمئن أني بخير، وتعاود التسبيح من جديد...أذهب الغرفتي و أتكعبل في الكتب و المجلات الملقاة على الأرض، ألقي نفسي على السرير وأنا أنظر إلى المساحة الخضراء الواسعة المواجهة لغرفتي، أحس بالملل ، و أقرر أن أذهب لحجرة والدتي، تكون قد أكملت هي الصلاة، ارتاح في حضنها ، وأحس أن الزمن توقف بي وأني في سلام مع كل شيء ، دقائق ويرن جرس الباب كصوت القطار لأجد أمامي والدي، تتهلل أساريره حينما يراني ، وأنا أيضا. أعدل من خطتي وبدلا من أن أذهب لحجرتي، أذهب للمطبخ وأنا أقرر أن أعد شاي للجميع. أقف أنتظر السخان كي يطلق صفارته.. أضع السكر في الكوبايات الزجاج و قلبي يموج بمشاعر كثيرة لا أفهمها وأصب الشاي...

الأيتام بين نظرية البي بي وبيت الزواحف !

كان اليوم الجمعة وكان موعدي في العاشرة والنصف أمام الباب الرئيسي لجنينة الحيوانات مع بعض الزملاء، في إنتظار أطفال دار البسمة، لكي نقضي معهم اليوم سويا. في الحادية عشر تقريبا كان 36 طفل وطفلة يدخلون الجنينة، والمشرفين يصيحون فيهم كي يمشوا في طابور بأدب و نظام. كنت بالفعل احتاج لكي أقضي يوم مع الأطفال وكان بداخلي شوق حقيقي لكي ندمج مع الأطفال ونلعب معهم! إلا أن هذا لم يحدث، فمشرفين الدار من أولها كان ما يهمهم التأكد من عدد الأطفال و لم يسمح لنا بأن نمسك أي طفل وأن نحدثه.
الوضع هكذا كان يبعث على الملل، إلا أنه بعد قليل من المشي من الجنينة وسط أقفاص الطيور ، و الدجاج وكل ما له علاقة بالطيران ، سمح لنا أن نقترب من الأطفال وأن يختار كل منا طفل أو طفلة لكي يصطحبه طوال الرحلة. وسط كل الأطفال الملتفين حولنا، أحببت "هيام" بتوكتها الخضراء اللامعة ووجهها البشوش. وفي ثوان، أمسكت هيام يدي وأصبحت أنا "والدتها"، فهكذا أطلق علينا المشرفين. الطريف أني أحسست بهذا الإحساس سريعا ، وكثيرا ما كنت آخذ "هيام" في يدي وأنا أريد أن أبتعد بها عن القيود و أقص لها الحكايات و أجعلها تسمعني الأغنيات، لكن للأسف لم يكن هناك فرصة.
بعد قليل أدركت أن كل أحلامي لكل أكون أما لهيام ولو لساعات قليلة باءت بالفشل. فكأي طفلة في الدنيا قالت لي هيام إنها عطشانة وعايزة تشرب. الطريف أني كنت أحمل في يدي اليسرى "كولمن" منذ بداية الرحلة ولكن لم يكن معي كوب للمياة، ولم أكن أحمل سوءا للنية حين ذهبت لإحدى المشرفات وقلت لها ببراءه إني أريد كوب فاضي عشان هيام.
والحقيقة أني ما أن قلت ذلك حتى خرج سيل من المدافع الممطوطة الممتدة من فم المشرفة التي كانت تدعى "مها":
لأ لأ مفيش شرب ولا أي حاجة هنا من غير أذني ! وبعدين يشربوا ويقولوا عايزين ببي ببي ! لأ لأ بعد أذنك!
لا أتذكر على وجه التحديد إن كانت قالت "بعد إذنك" من أصله، بس مش مهم خليها دي عشان خاطر البلوج وعشان صورة الواحد بس!
الطريف أن حكاية شرب الأطفال أصبحت نكته لدى المشرفة، فحتى قبل أن أستدير ومعي هيام ، كانت المشرفة تضحك ضحكات ممتالية مع زميل مشرف أيضا: " وبعد ما يشربوا يقولوا لي عايزين إيه ؟ ثم خبطت كفها بكف زميلها وهي تجيب : "البي بي ! "
حتى حين سمحت المشرفة للأطفال بشرب المياة، كانوا بقفون كلهم في دائرة وهي تقزف في أيديهم أكواب من البلاستيك، لا نزيد المياة بداخلها عن عشرة سنتيمتر ويمكن أقل.بصراحة أستاذة مها فاكرتني بأحداث أوليفر تويست (نفس القسوة يعني)
بالرغم من كل ده، ما كنش مستحيل إن إحنا نقضي وقت لطيف مع الأطفال، في بيت الزواحف كنت أحمل مادموزيل "هيام" على ركبتي كي ترى الزلاحف و الثعابين، أو حاولت أن أفعل ذلك في معظم الأحيان ، لأن الدنيا كانت زحمة و النفس مكتوم وبصراحة ما كنتش طايقة نفسي وما كنتش قادرة.
بالرغم من كل ده، لا يمكن أنسى ملامح الرضا على وشوش الأطفال وهمه قاعدين بياكلوا السندونشات كلهم في الجنينة، وقاعدين يتسامروا مع بعض! ولا نظرات "هيام" وهي بتقوللي "باي باي" ، وكل واحد فينا عارف للأسف إن اللعبة خلصت وكله لازم يروح مكانه وإنها ولا هي بنتي ولا أنا مامتها، الموضوع من أوله لآخرة لا يخلو من قسوة للأسف الشديد!


باقة الزهور ...


على الباب المغلق وقفت تحمل الزهور وتدق بضربات فرحة متتابعة عليه...طك طك طك..الصخب والضحكات الآتية من الداخل كان يوحي لها بإنه لابد بالداخل... لن تقول له شيئا، فقط ستعطيه الزهور التي اختارتها ورتبتها بعناية منذ الأمس، وتمضي...
لم يرد أحد. عاودت الدق من جديد ، ومسافة قبضتي قلب، فُتح الباب ودلفت للداخل تبحث عنه وسط أعداد البشر الغارقة في هيستريا الضحك...فتشت عنه جيدا وعادت سريعا إلى الخارج وهي تحكم قبضتها على باقة الزهور. نزلت أدراج سلالم البيت، و هي تطيل النظر للزهور الناعسة في باقتها. عبرت الشارع الممتد ثم أخذت تحادث نفسها:"الحمد لله إنه لم يكن موجودا. فربما أعطته الزهور ولم تعجبه". ثم رفعت الزهور إلى أعلى في مواجهة عينيها وأكملت: "وربما كان يستحق زهورا أكثر جمالا وبهاء من تلك الزهور التي أحملها".
سرحت قليلا وهي تنظر لمحل الورد البراق على ناصية الشارع، و بملامح رضا باهت تعلو وجهها أسلمت الزهور إلى بائعة الكلينكس العجوز التي تفترش الرصيف...التفت وأخذت تنفض الغبار الطيب الندي المترسب على يديها. ثم أكملت الطريق في صمت...

حفل الجميزة يوم السبت

يا جماعة يوم السبت القادم 4 نوفمبر، حفلة الجميزة في ساقية عبد المنعم الصاوي الساعة 8و نصف. الجميزة هي من ضمن الفرق المحترمة إللي بتحاول تقدم فن مختلف في وسط رتم غنائي متكرر و يزهـأ ، وفي وسط الإحباطات إللي بيواجها جيلنا طلعوا مجموعة الشباب دول ، عشان يعملوا حاجة مختلفة تستحق التقدير بجد...
أنا عرفت الجميزة عن طريق زميلي عمر مصطفى (إللي جالس في الصورة)، عمر مش بس إنسان جميل وشاعر وعازف عود متميز ، هو قدر يحقق حاجة كثير منا مش قادر يحققها ، إنك تؤمن بالحلم بتاعك و تكبر معاه، وزي ما الجميزة جذورها راسخة تحت الأرض وبتضلل للناس، أداء الفرقة دي بيحسسني بحنين غريب للماضي الرحب و بأمل في المستقبل...
ياريت كان البلوج بتاعي من البلوجات إللي بتكسر الدنيا عشان البوست بتاعي يكون مؤثر، بس دي الحاجة البسيطة إللي أقدر أقدمها ...وياريت تيجوا و تسمعوا بنفسكم...
(الصورة مأخوذة من موقع محمد علاء)

اخترنا لكم...حنان في الريف و خلي السعادة عادة مع ميادة!

وحشتوني جدا   أنا انهاردا في جو تمانيناتي جميل وباسمع هدى القمر لإيهاب توفيق والدنيا دندنة وباكتب لكم وأنا حاضنة البطانية  عاوزة اشاركم حاجت...