مستشفى عين شمس...رايح جاي...!


طول عمري لم تكن لي علاقة ملموسة بالمستشفيات، بل كانت علاقة سطحية جدا، كأن أزور المسشتفي مرة في السنة لأي مرض عابر مثل ارتفاع الحرارة لدور برد أو ألم عابر في جسدي. ولم أكن أتصور أن علاقتي بالمستشفيات ستتوطد بهذا الحد، ويصبح دخولي المستشفى أمرا عاديا ويحدث بأريحية شديدة وكأني أذهب مثلا لبيت أحد أقربائي الذي اشعر بافتقاده لأني لم أره منذ مدة، أسبوع مثلا أو أسبوعين!!

ولم تكن زياراتي للمستشفيات بسبب مرضي أنا، بل بسبب مرض أخي الذي يكبرني تقريبا بعشر سنوات. ووليس أخي مجرد "أبيه ضياء" كما كنت أقول له وأنا صغيرة..بل هو بالنسبة لي نموذجا ناجحا أغير من ناجحه وأحاول دائما أن أقلده مهما فعلت! ففي الثانوية العامة، التحقت بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، لأكون إلى حد ما شبية له (كلية الألسن، لغة ألمانية) ، وفي الجامعة كنت اموت من المذاكرة و في نهاية العام أحرز تقدير "جيد جدا" لكي أكون متوفقه مثله. وبعد أربع سنوات من الكفاح تخرجت من الكلية و تم تعييني بها و أصبحت مدرسة في الجامعة، مثل أخي أيضا!

حتى الأشياء التي أحبها بالفعل (الكتابة) لم أفعلها لأني أريد ذلك، بل لكي أكون مثله. فعندما كنت صغيرة كان أخي يكتب بعض القصائد ويسمعها لي..صحيح أني لم أكن أفهم كل ما يقوله لكني كنت مبهورة به وتمنيت أن أصبح مثله. ولأن الشعر ليس من اهتماماتي فقد اتجهت إلى القصة! وبالفعل العام الماضي صدرت لي مجموعة قصصية وكنت أطير من الفرح وأنا أسلم أخي نسخته وعلى الكتاب إهداء مني أنا، من أخته الصغيرة إليه هو أخي الكبير…

لذا عندما دخل أخي المستشفى بشكل فجائي منذ ثلاثة أشهر، كان الأمر بالنسبة لي مروعا ليس لأن أخي مريض، فكلنا معرضون للمرض، بل لأنك تكتشف حين يلبس أحد من أفراد أسرتك الملابس البيضاء و يدخل إلى غرفة العمليات و يمنعك الدكاتره حتى من أن تتواجد بالجوار ، تدرك أنك ضعيف جدا و عاجز عن فعل أي شيء سوى أن تنزوي بعيدا و أنت تبحث عن فسحة في الفضاء، تمد بصرك إلى السماء ، و صوت بداخلك يعلو و تشعر به يصل إلى عنان السماء، تبكي بدخلك و تحس بطعم الملح في حلقك وتفيض المشاعر بداخلك ..و لا تدري ماذا تفعل...نرد بصرك أخيرا إلى الأرض وتكتشف أن سكينة وهدوء ما قد حط على قلبك، تتعجب، وتعود تنظر إلى السماء من جديد، ويقشعر جسدك من برد الليل ومناجاة ربك ...و تتكون دمعه حبيسة في عينيك و تتذكر أن الله قريب وإنه عظيم..أعظم مما كنت تتصور!

***************

و خرج أخي من المحنة...ومن المستشفى... ودخلها من جديد وبدأت أتعود على المستشفى بكل ما فيها من خطوط زرقاء وحمراء وصفراء وخضراء، وباتت زيارتي للمستشفى جزءا من عاداتي، مثل ذهابي للكلية مثلا ، أو حتى للمكتبة التي أقوم بالتدريس بها. وهناك قابلت أنواعا مختلفة من البشر و تعرفت على الوجه القاسي للحياة..صحيح إني لا أعيش في المريخ ولازلت أركب المواصلات العامة وأستطيع أن أتخيل صعوبة الحياة حين تقسو على الإنسان، لكني هناك وجدت الوجه الأكثر بشاعة للحياة إن جاز التعبير..أمراض لا حصر لها و مآسي إنسانية تتحول إلى ميلودراما حية كلما زاد الفقر والجهل وإذا كان الإنسان ابن ناس غلابة لا واسطة له ولاظهر يستند إليه حين يهاجمه العالم الطبقي الذي نعيش فيه ويقضم ظهره!

هذا هو الوجه القاسي للحياة الذي أصبحت أعرفه جيدا الآن، فأنا لازلت أذهب إلى المستشفى يوم بعد يوم تقريبا لكي أرافق أخي ...و في كل مرة أدخل فيها من المستشفى وأمشي عبر الممر الطويل ذات الخطوط البيضاء والزرقاء تملأني مشاعر ممزوجة بالشجن و الإستسلام والقبول...أحيي الحراس الذي بات وجهي معروفا مألوفا لهم...أصعد السلالم وأطرق الباب على غرفة أخي..يترقرق قلبي عندما أجده يدير بأصابعه محطة الراديو و انشعل بوالدتي التي ترافقه في الحجرة، يتوقف عن إدارة محطات الراديو.. يدعوني لكي أطبع قبلة على خده وهو يقول لي في سخريته المعتادة: "تعالي هنا يا بت يا إيمو...خلاص! أنت فاكرة نفسك كبرت ولا إيه.. " على الفور، أذهب لأطبع قبلة على خده الملظلظ...وترفرف وروحي... وابتسم

هدايا أطفال إسرائيل إلى الشعب اللبناني...!



جاءت هذه الصورة في مدونة يونانية تعرفت عليها وأنا أتصفح جريدة الجارديان البريطانية. ولا تعليق!!

بسم الله...

يمكن تكون خطوة متأخرة إني أعمل بلوج
but it is never too late anyways...

اخترنا لكم...حنان في الريف و خلي السعادة عادة مع ميادة!

وحشتوني جدا   أنا انهاردا في جو تمانيناتي جميل وباسمع هدى القمر لإيهاب توفيق والدنيا دندنة وباكتب لكم وأنا حاضنة البطانية  عاوزة اشاركم حاجت...