المشهد الأخير

انهمرت في نوبة من البكاء وأنا أتابع المشهد الأخير للملك فاروق، كانت حرارتي مرتفعة وكان ذلك المشهد لفاروق وهو يجلس في منفاة ويفتح الشبابيك يصيبني بمزيد من التعب أنصب فوق وجنتي دموعا تسيل أداريها ووالدتي تجلس بجواري تشاهد المسلسل، وحتى بعد إنتهاء المسلسل، ظل هذا المشهد يطاردني أينما ذهبت، في البيت وأنا أحاول أن أشغل نفسي بترتيب القوضة، في العمل حيث الستة أدوار التي عليّ أن أصعدهم وأنا صابرة أتوق للمستقبل، حتى وأنا أكتب هذا البوست لا أستطيع أن أكبت دموعي التي تنسال حزنا على مواطن مصري غادر بلاده مضطرا إلى منفاه، على مصر الحرة رغم الاحتلال، ومصر المكممة رغم الاستقلال، حزنا على شوارع المحروسة التي كانت نظيفة يوم ما، حزنا على السواد الذي حتما ستلمحه في شوارعنا حتى في وضح النهار؛ حزنا أنه ليس بيدي ما يمكني أن أفعله، ولا أجد بالفعل ما يعزيني سوى أن هناك من يزال قادرا على كشف الزيف والخداع.

أسباب وجيهة للفرح

كان ذلك في رمضان الماضي حين أهدانا عمر مصطفى -أنا ومي و أميرة وأحمد- ديوانه الأول، ففي محل كباب وكفته في سيدنا الحسين ، بعد إفطار جامد و مروع مليئ باللحمة، أخذ عمر يسرح طويلا وهو يكتب لكل منا إهداء، ونشاكسه ونحن تقول له "خلاص بقى مش مهم.هات الكتاب يا عمر!".

غادرنا وكل منا يحمل كتابا وجيها معه، بحجمه الصغير وغلافة الذي لا يخلو من لمعة وعليه رسمه ، لولد وبنت يبتسمان وتعلوهما شمس مشرقة كما يتضح من السبع خطوط التي تخرج من دائرة الشمس، عدت للبيت منهكة بعد ذهابي لحصة رياضة بعد إفطار دسم – إشي كباب وكفته و لحمة بالخضار (وليس العكس) و أرز وشوربة و طبق محشي ضغنن كده...وما أن ذهبت للبيت، رحت أعيد قراءة الإهداء وأنا أطيل التفكير في عنوان الكتاب وكلمة "فرح" ترن في أذني كلحن بعيد...بعيد جدا!

ومر شهر رمضان بالفعل دون أدنى ملامح الفرح ، فقط كورسات الإنجليزي والعيال الحلوين إللي بدرسلوهم و العيال الأحلى والأحلى في الكلية و تمارين الأسكواش المرهقة و زيارة مرة واحدة لساقية الصاوي جلسنا أنا ونهى بجوار النيل الذي أحبه بالفعل ومن كل قلبي!

لكن الفرج جاء مع أجازة العيد ، حينما دعاني أخي – الساكن في البلاد البعيدة- للذهاب معه لشرم الشيخ ، وبعد أن تهللت أساريري و قلت له - كده وكده - ووجههي يحمر في التليفون "بس ده كثير يا أبيه.. وأنا أصلي مش عايزة أضايقكم" ، كنت أحضر شنطة السفر في غبطة وأنا أضع معي ديوان العزيز عمر الذي بدأت أقرأ فيه منذ أن جلسنا في كافتريا المطار وعائشة –بنت أخي - تحوم حولي، وحتى وصلنا لشرم الشيخ.

وهناك بدا لي أنه لايزال هناك ما يدعو للفرح بالفعل، فإذا كانت الشمس بهذا الدفئ والسماء بهذا الصفاء والبحر كالحياة عنيد و كريم، فلماذا الحزن إذن؟

بعدها بأربعة أيام، كانت عائشة تطبع قبلة على خدي وأنا عائدة للقاهرة، وفي مطار شرم الشيخ كنت أتلقى خبر تأخر طائرة مصر للطيران نصف ساعة دون تذمر ...كنت أقرأ الديوان ...وبداخلي طاقة من الفرح تجعلني أنتظر الطائرة ليس لنصف ساعة فقط، بل لخمس ساعات متصلة:

"ليه كل ماجي ارسمك
ألاقيني بارسمني
هو إنت إيه فيا
ولا انتي إيه مني
هو احنا إيه بالضبط
أصلي نسيت النحو
ونسيت أصول الضبط
وانتي نسيتي الكلام
يا موفّق الألوان
يا صاحب القدرة
فين أول الخضرة
وفين حدود البحر
"
من "أسباب وجيهة للفرح" عن دار الملامح

اخترنا لكم...حنان في الريف و خلي السعادة عادة مع ميادة!

وحشتوني جدا   أنا انهاردا في جو تمانيناتي جميل وباسمع هدى القمر لإيهاب توفيق والدنيا دندنة وباكتب لكم وأنا حاضنة البطانية  عاوزة اشاركم حاجت...