سبعة مشاهد لا غير!


المشهد الأول: أنا لاعبة بالية!
أقف أمام مرآة غرفتي وأنا أرفع يديي لأعلى. أستدير وأنا أحرك يديي تدريجيا لأسفل وكأني باليرينا تأخذ وضع الاستعداد قبل أن تقفز في الهواء وبخطوات رشيقة تجوب المسرح ذهابا وإيابا. أخطو خطوة للخلف فتصطدم قدماي بكتب ومجلات ملقاة على الأرض. أشعر بألم طفيف وأندهش حين ترتسم على المرآة صورة لفتاة تشبهني تماما ترتدي زي لاعبي البالية. من المطبخ أسمع صوت والدتي وهي تدعوني لشرب الشاي. أبتعد سريعا عن المرآة وملامح الإحباط تحوم حول وجهي. كان بإمكاني أن أتعلم الباليه وأنا صغيرة. أما الآن فلا أستطيع أن أفعل ذلك، مجرد التفكير في هذا الأمر الآن يبدو مربكا، مربكا للغاية!
المشهد الثاني: لعبة الكوافير
تجيء الساعة الحادية عشرة ويرن جرس الباب رنينا ممتدا وكأنه صفير قطار يطلب من الجميع أن يبتعد. أجري أفتح الباب وأجد مريم وسلمى -بنات أخي- سلمى كانت نائمة وتريد أن تكمل النوم ومريم تفرح لرؤيتي، تحتضنني.. ثم تجلس على الكرسي الواسع في الصالة لتلتقط أنفاسها وتقول لي بصوت عال "إنهارده حنلعب لعبة الكوافير". أبتسم وأجد يدي تمتد إلى خصلات شعري وأنا أرثي لحالي وما سيحدث لي بعد لحظات!
المشهد الثالث: الأمير لابد أن يأتي…
نحن الآن في شهر مارس، على يميني مريم وسلمى وعلى يساري عائشة، ابنة أخي التي جاءت لتوها من موسكو لتقضي معنا بعض الوقت. نجلس نحن الأربعة لنشاهد فيلم كرتون، أنتهز فرصة انشغال عائشة بالفيلم وأمد خدي بجوار وجهها فتطبع قبلة ممتدة على خدي، هكذا ببساطة دون مقاومة منها ودون أن أضطر لمشاكستها. الفيلم قد قارب على الانتهاء والأمير لم يظهر بعد، أيكون هذا الفيلم مضروبا وبلا أمير؟ أضحك لمجرد الخاطر
!
المشهد الرابع: القاهرة الجديدة
في طريق العودة من القاهرة الجديدة، يلفت نظري مشهد للزرع يخرج من وسط المقابر، أقف بالعربة -أنا وأبي وأمي - وأخرج لألتقط صورة بالكاميرا لهذا المشهد. حين أقترب من المكان، يلتف حولي متطفلون وعابرو سبيل، يخبرونني بأن هذه المقابر كانت خاصة باليهود. "يهود!" أقولها بفزع وعيني تتابع امرأة بدوية تسرح بخرفان وسط المقابر. أركب العربية وأنا أفكر في الأمر. هل كانت كارثة ستحدث لو أن اليهود بقوا في مصر ولم يغادروها؟ لا أدري!
المشهد الخامس: عمارة يعقوبيان
أجلس في كايرو شيراتون وليس بجواري أحد يعكر صفوي. ومع ذلك أنا لست راضية تماما ، خلفي تجلس فتاتان كل حديثهما عن قصات الشعر والألوان والبيستاش والمووووف. حتى حين تركت كرسيّ وانتقلت لكرسي مجاور، كان صوتهما يعلو و يستفزني... أوف! البلد دي عايزالها خمسين يعقوبيان عشان الناس تفوق شوية!!
المشهد السادس: البيت بيتك
أفتح التليفزيون على محمود سعد يحاور عمرو موسى عبر التليفون ويسأل "هو البترول ده سلاح ولا مش سلاح؟". يرد عمرو موسى إن الموضوع مش مسألة توصيف وأن المسألة إمكانيات واستعدادات. أشعر بالأسى لأننا أصبحنا أمة مشلولة جهازها العصبي لا يستجيب لأي إشارات تأتي من المخ. شعور بالمرارة يترسب في حلقي كلما شاهدت صور الحرب في التليفزيون وكلما أحسست أننا جميعا مسئولون.. جمعاء ...كل الصامتين...
المشهد الأخير: The END
أقف مرة أخرى أمام المرآة... أتأمل وجهي... أشعر بالرضا أن الله خلق لي ملامح هادئة جميلة على أية حال... أنتزع نفسي من المرآة وأتجه إلى المطبخ لأعد كوبا من الشاي... أمشي باتجاه الصالة وأحس أن بداخلي أسطوانة مفرغة من الهواء... أتحسس ملامح وجهي وأشعر بها جامدة وكأن عليها طبقة من الشمع.. ألقي نظرة على الساعة وأكتشف أنها قاربت على الحادية عشرة.. يرن جرس الباب... ببطء، أفتحه لأجد مريم وسلمى واقفتين أمامي... تبتسمان لي.. تتعلقان بكتفي وتحتضناني...
نشر سابقا في بص وطل

11 comments:

Dr. Diaa Elnaggar said...

عزيزتي ايمو،
شيلي البوست بتاعي، شكله وشه نحس عليكي، مفيش ولا تعليق جه من وقت ما نشرتيه.

مع تحيات اخوكي شرارة!!!!!!!!!!

كراكيب نـهـى مـحمود said...

العزيزة جدا شيماء- البوست ده جميل جدا وعجبني اوي
دضياء مبروك افتتاح مدونتك انا اتابعها
انا عن موضوع شرارة ده لا تصدقه نورت عالم التدوين
مشمش وحشتيني جدا جدا كل سنة وانتي طيبة

Dr. Diaa Elnaggar said...

عزيزتي شيمو،
أولا: قبل أي تحليل نقدي للبوست بتاععك أريد أن اشكر نهى على تهنئتها، وأقول لها شرفتيني وطمنتيني إن تأثير شرارة لم ينتقل إلى مدونتي هي الأخري!!!!

ثانيا:أنا بأتفق مع نهى أن البوست جميل فعلا، وإنه مبني بناء أدبيا رفيعا، وأنا برضه مش عارف إنتي عملتي ترتيب المقاطع بعقلك النثري أم بحسك الروائي؟ وأرجع أقولك لو كان الترتيب ده تم أساسا بحسك الروائي يبقى أسمحي لي أبجل فيك موهبتك الراقية. إن اختيار المشاهد السبعة معبر عن الأمل المراود لك برغم المشاهد السلبية الأخرى المعبرة عن واقعنا الأليم، وهو أمل يرتبط نثريا بما للعدد سبعة من مخزون رمزي تكون عبر الكتب الدينية والأدبية على حد سواء، حتى في قصة سيدنا يوسف تجدي العدد سبعة في الحلم ارتبط بقيمة سلبية، لكن الانتصار كان في آخر الأمر لقيمة "سبعة" الإيجابية، السبع السمان بالفكر والتخطيط انتصرت على السبع العجاف، واحنا واقعنا كمان مليان بأمور عجاف كثيرة تنتظر حنكة يوسف الصديق لتنقذ البلد الغريق.

احييك سبع تحيات على مقالك السمين في مواجهة واقع أعجف يحتاج ليد يوسف الصديق وكل من يقدم الفكر ويدعو له هو تلك اليد!

أيضا مريم وسلمي يرسلان لك السلام، فقد قرأت لهما مقالك بالأمس وانشكحوا منه على الآخر

تحياتي وقبلاتي
ضياء

fawest said...

انا دخلت على مدونة د.ضياء لقيت البوست
بس الصورة عند العزيزة شيماء عجبنى اكتر
الموضوع مش مسألة تعليقات انت باين حد جميل من تحليلك البوست دة
ان لن اشعر أو اشعر بأكثر مما قلت
يعنى انا التهمت كل مدونتها البلياتشو

Dr. Diaa Elnaggar said...

فاوست،
وأنا كمان متفق معاك على أن الصورة عند شيماء أحلى من اللي عند البوست بتاعي، لكن هو ده الفرق، المرأة تحسن الاختيار عن الرجل وده ثابت بالمناسبة علميا، لأن المرأة تستطيع الدمج بين أكثر من عمل في نفس اللحظة، بينما مخ الرجل أحادي الوظيفة أي أن لا يستطيع التركيز إلا على عمل واحد ولذلك في أحيان ليست بالقليلة يغيب عنه النظرة الكلية.
اسمحلي كمان أعبر عن اعجابي بما كتبته انت في التعريف بنفسك : "صديقي القارئ. .قد لا تضيف لك قراءة هذه الكلمات شيئا..ولكنها بالتاكيد ستنقص من مساحة ذلك الحزن الممتد بداخلي..برغم يقيني أن الحال سيبقى على ما هو عليه يقال إن العالم أصبح قرية صغيرة...ولكن ما نفعي بقريتهم الصغيرة، إذا كنت افتح عيني فلا أراك، وأمد كفي فلا أصافحك، واشتاق أليك فلا أجدك، واكتب فلا تقرا، وأنادي فلا تسمع"، ممكن اللي انت كتبته يكون ورقة عمل محترمة المضمون عن العولمة والتواصل بين الثقافات. شكرا لكلماتك الجميلة التي تنم بلا شك عن إنسان جميل الطباع رقيق الحس

تحياتي واحتراماتي لك
ضياء

Shaimaa Zaher said...

د.ضياء النجار: البوست بتاعك نور...
ومش لازم الناس تعلق...بس لازم تقرأ و تتأمل..صح؟

:))

صباحك ياسمين وورد روز و أبيض

------------

كراكيب نهى: والله أنت وحشاني جدا وحاسه إني مقصره أساسا..بس أصل عزيزة - العربية- عند الميكانيكي ومش عارفة اتحرك..هي خلاص حاستلمها بكره وحاكلمك ونتقابل إن شاء الله

وأنا انبسطت جدا إنك بتابعي تأملات، قال شرارة قال؟!!

:))

كل سنة وأنت طيبة ورمضان كريم

Shaimaa Zaher said...

د.ضياء: معلش نسيت أحييك على تحليلك للنص...بمناسبة الأرقام ، أنا كنت مرة في ندوة لد.علاء و كان فيه مؤرخ بيقول إن المسيحية والأسلام بيشتركوا في رقم 3، الثالوث في المسيحية و في الإسلام الطلاق ثلاث مرات ، وفي ثقافتنا المصرية الثالثة تابتة..أنا عارفة إن ده مالوش علاقة بالنص..بس جه في بالي في كلامك عن أهمية الرقم في النص.

قبلاتي لمريم وسلمى وباباهم ومامتهم

-----------------

فاوست: باتفق مع د. ضياء في ثنائة على التعريف بنفسك ...
وأصراحة أنا عايزة أشكرك لإضافة لينك مدونة البلياتشو عندك...عارف زي ما يكون مثلا لي ابن في شهادة ولقياه ماشي كويس وبيذاكر

نهارك ياسمين وفل وكده

Anonymous said...

شيمو.. كل سنه وأنتى طيبه.. رمضان كريم
تضحكى عليا.. المرة اللى فاتت دخلت على مدونة د.ضياء من اللينك اللى هنا وإنى أعرف أرجع تانى.. زعلت إنى مالحقتش أعلق على تدوينتك دى.. الكمبيوتر بتاعنا الجميل شغال مع نفسه وبيحمل صفحات وصفحات لأ.. المهم التدوينه رقيقه أوى وفيه مشاهد منها مشابهة جداً لمشاهد من حياتى هنا برضه.. مشهد لاعبة الباليه وأحلام اليقظه الكتيره.. لعبة الكوافير وبراءة عالم الأطفال.. الفيلم المضروب اللى بلا أمير..مصر وهمومها وكوارثها اللى مش بتنتهى.. ومشهد النهاية اللى بيبقى محاولة للتأقلم مع الواقع وسعى للشعور بالرضا

soha zaky said...

شوشو القمر البومبونة الرقيقة بالأوى ، ايه التطور الجامد قوى دا ، دى قصة قصيرة بجد متكاملة البناء والعناصر والاحداث والحاجات التانية اللى النقاد بيقولوا عليا اه والنبى جامدة جدا جدا يا شيماء ، ارجوكى اعملي بيها حاجة مهمة ، دى مش مجرد تدوينة كدا والسلام ... وتحياتى لد .ضياء وقولى له انى زرته وسلاماتى للبنتين القمر ...وحشتينى على فكرة

Shaimaa Zaher said...

فيونكة: كل سنة وأنت طيبة و رمضان كريم عليكي وكل الأسرة
...أنت إللي كلامك يا بنتي رقيق ...بصراحة أنا أكثر حاجة مستغربالها موضوع الأمير ده...وأقعد استنى إنه يظهر في الفيلم غفير حتى واللا الهوا!

:)

نورت يا هبة وكل سنة وكل إللي بتحبيهم طيبيين

---------------

سهى: يا فندم إحنا ما تقدرش ع الكلام الكبير ده...وححاول فعلا أعمل بها حاجة ، ولو إني كسولة جدا في مواضيع النشر...

كل سنة وأنت ونهى طيبة وأنا قريت تعليقك في تأملات وانبسطت أوي

وأخيرا صباحك ياسمين وفل

Mohamed Kamal Hassan said...

كل سنة وانتى طيبة يا شيماء

رمضان كريم

اخترنا لكم...حنان في الريف و خلي السعادة عادة مع ميادة!

وحشتوني جدا   أنا انهاردا في جو تمانيناتي جميل وباسمع هدى القمر لإيهاب توفيق والدنيا دندنة وباكتب لكم وأنا حاضنة البطانية  عاوزة اشاركم حاجت...