لا أدري لم أتذكر هذا الموضوع الآن، ولم يلح عليّ وكأني شاهدت لتوي فيلم مأساوي تتواتر مشاهده الواحدة بعد الأخرى أمام عيني بالرغم مني!
-------------------------------------------
كنت في رمضان الماضي في محاضرة عن الأثار الفرعونية بالجامعة الأمريكية، كان قبل المحاضرة إفطار بالطبع، وفي حديقة مكتبة الكتب النادرة، جلست على الطاولة وبجواري ثلاث أشخاص من جنسيات مختلفة ، امرأة يابانية ، وأستاذان أجنبيان عرفت بعدها أن أحدهما أمريكي ويدعى بروفيسور "إيزي" والآخر كندي الجنسية لا أتذكر أسمه الآن.
كان الجو لطيفا بالفعل، وراحت المرأة اليابانية تحكي لنا عن طوكيو ، وتتعجب من المجتمع المصري المليئ بالأطفال، وكنت أضحك بداخلي وهي تحكي لي إنها أينما ذهبت لابد أن تجد أطفال حولها!
ابتسمت بالفعل وأنا أتذكر تعبير "مصر ولاّدة" وقلت لها إن الناس في مصر فقراء ، لذا ينجبون كثيرا لأن أولادهم يساعدوهم في أعمال مهنية. لكن الناس المتعلمين على الأغلب ينجبون طفل أو ثلاثة على الأكثر.
ارتسمت علامة الارتياح على وجهها وكأني بالفعل ساعدتها في إيجاد مفتاح لمغارة علي بابا التي كانت تود أن تراها، وأحذت هي بشكل تلقائي تكمل حديثها عن بواب العمارة التي تسكن فيها وهي تقول لي في دهشة أن له ثمانية أولاد!
وتماما كما يبدأ لحن الأوركسترا هادئا إلى أن تنضم إليه آلات أخرى مثل التشيلو والكونترباص، بدأت المحادثة وديعة هادئة ثم تغيرت نغمتها بعد ذلك!
فقد أخذ البروفيسور إيزي (أيوة الأمريكي الجنسية) يتحدث عن الحجاب والنقاب، ثم أخذ يتحدث بتعجب عن الفتيات الذين يغطون وجووهن. ثم أخذ يرفع يده و ينزلها في هدوء وكأنه مايسترو يضبط نغم باقي العازفين وهو يقول لي:
- أنت فتاة جميلة ، لكنك لو كنت ترتدين ملابس سوداء وتغطين وجهك ، لكنت خفت منك، ولما فكرّت في محادثتك!
استفزتني الجملة بالطبع ، وحاولت بالفعل أن أكبت اضطرابي ولسان حالي يقول "يا عم ولا تزعل نفسك خالص، والله كان يبقى أحسن"!
ثم أخذت أرد عليه أني لست بالطبع مع التزمت ، لكن ذلك يحدث لأن مساحة أي حاجة تكاد تكون معدومة في مصر (ديموقراطية، إقتصاد، إلخ ، إلخ) ومادام ليس هناك أي أمل في تحقيق أي أحلام في الدنيا، فليكن الأمل في الأخرة إذن! وقلت له إن لو فتاة تجاوزت الخامسة والثلاثين وخطبت ثلاث مرات وفي كل مرة تفشل الخطبة لأسباب مادية على الأرجح، فلا يمكن أن ألومها وأقول لها لماذا قررت أن ترددي النقاب، لأن ذلك سيكون كثيرا !
هدأ الجو بعدها قليلا ، ثم وجدت الأستاذ الكندي ينضم هو الآخر إلى المقطوعة و تحدث عن القرآن وتفسيراته وأننا لازلنا نبقي على تفسيرات جاءت منذ أربع عشرة قرنا.
كان عقلي يعمل بسرعها وقتها كي أفهم ماذا يقصد ، ورحت أرفع بصري إلى السماء وأنا أنظر إلى السحاب الرائق الذي يتداخل مع زرقة السماء.
ثم قال لي أنه يفهم مثلا أن الهدف من تحريم لحم الخنزيز وجود بعض الديدان الضارة في اللحم، لكن الآن العلم قادر على إيجاد أنواع مهجنة من الخنازير لا تحوي تلك الديدان الضارة، فلماذا نحرمه حتى الآن؟
كنت وقتها بالفعل أشعر أني مثل حارس المرمى المطلوب منه أن يسدد ضربة الكرة الآتيه إليه، ورحت أقول لنفسي في أسى :"إيه الحلاوة دي! والله أنتم شوية ناس زي العسل"!
وما أن انهى الرجل كلامه عن لحم الخنزير، قلت له وأنا أنظر إلي المساحة الحضراء أمامي أن هذا الكلام من الممكن أن يحدث في كندا أو أمريكا لأنهم ببساطة يملكون التقنيات الحديثة التي قد تجعلهم ينتجون أنواعا من الخنازير معالجة وراثيا، وتخلو من الأمراض، لكننا في مصر لا نمتلك تلك التقنيات، ومادام الموضوع كذلك ، فسيبقى أكل لحم الخنزير محرما لأن العله من وراء تحريمه لازالت قائمة.
الغريب أني أحسست إن البروفسيور الكندي استراح لإجابتي على نحو ما، ثم قال لي بالإنجليزية:
That is a very good point!
ثم عرفت بعدها إنه كندي مسلم! وإنه أيضا يرى أن الرسومات المسيئة للرسول (عليه الصلاة والسلام) لم تحترم ثقافة العالم الإسلامي، وأخد يقول إنه تقبل تلك الرسومات لأنه كندي نشأ في ظل الثقافة الليبرالية، لكنه لو كان ينتمي لثقافتنا، لكان تضايق مثلنا.
تناولنا الإقطار ورحت أحدث نفسي وأنا ألقي الأطباق البلاستيك الفارغة في سلة المهملات."يا عم إحنا مش بنعرف حتى نصدر القطن بتاعنا، خنازير إيه بس إللي حنهتم بهم!؟ إحنا فعلا في عالم وأنتم في عالم تاني خالص!"
--------------------------------
لكن المقطوعة السادسة عشر لباخ لم تنته! فما أن صعدنا جميعا إلى المبنى لحضور المحاضرة، حتى انهال البروفسيور "إيزي" عليّ بالتعليقات التي جاءت في ظاهرها مجرد أسئلة ، لكنها في باطنها شيئا آخر بالطبع:
"ألا تشعري أن الإسلام أساء للمرأة؟ لماذا يصلي السيدات خلف الرجال في الصلاة؟ أليس من الذوق أن يكون السيدات في الأمام؟ لماذا ترث المرأة نصف ما يرث الرجل؟ ماذا تري؟ هل إذا ما تزوجت ستحتفظين بأموالك كما ينص الإسلام؟ وهل هذا شيئا واقعيا في العصر الذي نعيش فيه؟"
لم أستطع حقيقة أن أرد على كل النقاط التي طرحها الأستاذ الأمريكي، بل إني شعرت بدرجة من الإضطهاد ودرجات كبيرة من عدم الارتياح وحاولت أن أكبت اضطرابي وأنا ارتب الكلام في ذهني كمن يطلق الطلقة الوحيدة في بندقية لا يعرف إن كانت ستعمل أم لا:
"الإسلام لم يهن المرأة! في الإسلام المرأة لها أموالها زي الراجل بالضبط ، وتتقاضى نفس الأجر زيه في العمل، لكن في الغرب الست لسّه بتاخد نص مرتب الراجل. الإسلام ما أهنش المرأة ولا حاجة."
----------------------------------------
انتهت الوصلة الغنائية عند هذا الحد (حمدا لله بالطبع) ، وفي تمام السابعة والنصف مساء، كنت أقف أنا و عشرون زميل وزميلة تحت قبة مسجد الحسن و الرفاعي بالقلعة، كان انعكاس ضوء القمر على قمة الجامع بحجارته الكبيرة الرحبة، يبعث بداخلي شعورا بالرهبة، وتخيلت نفسي وكأني صعدت إلى السماء، وأصبحت جزءا من المشهد، انتبهت إلى صوت "محمد الرزار" قائد الفريق وهو يحكي لنا عن الجامعين وتاريخهما.
ورحت أنظر إلى قبة المسجدين في أسى وكأني انظر إلى حبيب لا أدري لم هجرني وتركني وحيدة، ولوهلة تخيلت جامع الحسن يدا كبيرة تحتويني، وتطبطب عليّ! تأملت الأحجار والزخارف في الجامعين، حاولت أن التقطت صورا في ذهني يمكني أن استرجعها بسهولة فيما بعد! ثم تحركنا جميعا ورحنا نجوب الأحياء الإسلامية القديمة!
------------------------------------------------
في الصباح كانت الحياة تعود كما كانت، أركب العربيه، فـتلتقط عيني عبارة طويلة عريضة لصقها صاحب العربة على الزجاج الخلفي "فداك أبي وأمي يا رسول الله"، ابتسم في مرارة وأول ما اقترب من ساحة كلية الآداب، أجد آيات وأحاديث علقها طلبة بجوار الأشجار، خطوات للأمام فأجد أصوات لشرائط القرآن صوتها يعلو وتتداخل مع بعضها البعض ، فأدرك أن هناك معرضا لبيع الشرائط الدينية! أعود للبيت، في الليل ، أفتح الإنترنت ، واتصفح المدونة التي كنت قد أعددتها كي أكتب بها مقالات عن الرسول عليه الصلاة والسلام باللغة الإنجليزية ولم أكملها، اتصفح الصور التي وضعتها بها في أسى، وأمام عيني يتردد فلاش باك للمظاهرات العارمة ضد الرسومات، أغلق جهاز الكمبيوتر، وينتابني شعور غريب، كأني في سرادق عزاء لشخص شهير تسابق الكل في إظهار حزنهم عليه من أجل كاميرات التليفزيون وكاميرات المحمول! جاء اليوم التالي ، ركبت العربة، ورأيت نفس العبارة في الصباح "فداك أبي وأمي يا رسول الله" ، وضعت المفتاح في العربية ورحت أهدهدها في تأثر "يلا يا لوزة! أمشي بقى! خليكي حلوة أمال؟" ، وبعد العديد من التك تك و تسسسسسسس تحركت العربة وبدأ يوم جديد!
-------------------------------------------
كنت في رمضان الماضي في محاضرة عن الأثار الفرعونية بالجامعة الأمريكية، كان قبل المحاضرة إفطار بالطبع، وفي حديقة مكتبة الكتب النادرة، جلست على الطاولة وبجواري ثلاث أشخاص من جنسيات مختلفة ، امرأة يابانية ، وأستاذان أجنبيان عرفت بعدها أن أحدهما أمريكي ويدعى بروفيسور "إيزي" والآخر كندي الجنسية لا أتذكر أسمه الآن.
كان الجو لطيفا بالفعل، وراحت المرأة اليابانية تحكي لنا عن طوكيو ، وتتعجب من المجتمع المصري المليئ بالأطفال، وكنت أضحك بداخلي وهي تحكي لي إنها أينما ذهبت لابد أن تجد أطفال حولها!
ابتسمت بالفعل وأنا أتذكر تعبير "مصر ولاّدة" وقلت لها إن الناس في مصر فقراء ، لذا ينجبون كثيرا لأن أولادهم يساعدوهم في أعمال مهنية. لكن الناس المتعلمين على الأغلب ينجبون طفل أو ثلاثة على الأكثر.
ارتسمت علامة الارتياح على وجهها وكأني بالفعل ساعدتها في إيجاد مفتاح لمغارة علي بابا التي كانت تود أن تراها، وأحذت هي بشكل تلقائي تكمل حديثها عن بواب العمارة التي تسكن فيها وهي تقول لي في دهشة أن له ثمانية أولاد!
وتماما كما يبدأ لحن الأوركسترا هادئا إلى أن تنضم إليه آلات أخرى مثل التشيلو والكونترباص، بدأت المحادثة وديعة هادئة ثم تغيرت نغمتها بعد ذلك!
فقد أخذ البروفيسور إيزي (أيوة الأمريكي الجنسية) يتحدث عن الحجاب والنقاب، ثم أخذ يتحدث بتعجب عن الفتيات الذين يغطون وجووهن. ثم أخذ يرفع يده و ينزلها في هدوء وكأنه مايسترو يضبط نغم باقي العازفين وهو يقول لي:
- أنت فتاة جميلة ، لكنك لو كنت ترتدين ملابس سوداء وتغطين وجهك ، لكنت خفت منك، ولما فكرّت في محادثتك!
استفزتني الجملة بالطبع ، وحاولت بالفعل أن أكبت اضطرابي ولسان حالي يقول "يا عم ولا تزعل نفسك خالص، والله كان يبقى أحسن"!
ثم أخذت أرد عليه أني لست بالطبع مع التزمت ، لكن ذلك يحدث لأن مساحة أي حاجة تكاد تكون معدومة في مصر (ديموقراطية، إقتصاد، إلخ ، إلخ) ومادام ليس هناك أي أمل في تحقيق أي أحلام في الدنيا، فليكن الأمل في الأخرة إذن! وقلت له إن لو فتاة تجاوزت الخامسة والثلاثين وخطبت ثلاث مرات وفي كل مرة تفشل الخطبة لأسباب مادية على الأرجح، فلا يمكن أن ألومها وأقول لها لماذا قررت أن ترددي النقاب، لأن ذلك سيكون كثيرا !
هدأ الجو بعدها قليلا ، ثم وجدت الأستاذ الكندي ينضم هو الآخر إلى المقطوعة و تحدث عن القرآن وتفسيراته وأننا لازلنا نبقي على تفسيرات جاءت منذ أربع عشرة قرنا.
كان عقلي يعمل بسرعها وقتها كي أفهم ماذا يقصد ، ورحت أرفع بصري إلى السماء وأنا أنظر إلى السحاب الرائق الذي يتداخل مع زرقة السماء.
ثم قال لي أنه يفهم مثلا أن الهدف من تحريم لحم الخنزيز وجود بعض الديدان الضارة في اللحم، لكن الآن العلم قادر على إيجاد أنواع مهجنة من الخنازير لا تحوي تلك الديدان الضارة، فلماذا نحرمه حتى الآن؟
كنت وقتها بالفعل أشعر أني مثل حارس المرمى المطلوب منه أن يسدد ضربة الكرة الآتيه إليه، ورحت أقول لنفسي في أسى :"إيه الحلاوة دي! والله أنتم شوية ناس زي العسل"!
وما أن انهى الرجل كلامه عن لحم الخنزير، قلت له وأنا أنظر إلي المساحة الحضراء أمامي أن هذا الكلام من الممكن أن يحدث في كندا أو أمريكا لأنهم ببساطة يملكون التقنيات الحديثة التي قد تجعلهم ينتجون أنواعا من الخنازير معالجة وراثيا، وتخلو من الأمراض، لكننا في مصر لا نمتلك تلك التقنيات، ومادام الموضوع كذلك ، فسيبقى أكل لحم الخنزير محرما لأن العله من وراء تحريمه لازالت قائمة.
الغريب أني أحسست إن البروفسيور الكندي استراح لإجابتي على نحو ما، ثم قال لي بالإنجليزية:
That is a very good point!
ثم عرفت بعدها إنه كندي مسلم! وإنه أيضا يرى أن الرسومات المسيئة للرسول (عليه الصلاة والسلام) لم تحترم ثقافة العالم الإسلامي، وأخد يقول إنه تقبل تلك الرسومات لأنه كندي نشأ في ظل الثقافة الليبرالية، لكنه لو كان ينتمي لثقافتنا، لكان تضايق مثلنا.
تناولنا الإقطار ورحت أحدث نفسي وأنا ألقي الأطباق البلاستيك الفارغة في سلة المهملات."يا عم إحنا مش بنعرف حتى نصدر القطن بتاعنا، خنازير إيه بس إللي حنهتم بهم!؟ إحنا فعلا في عالم وأنتم في عالم تاني خالص!"
--------------------------------
لكن المقطوعة السادسة عشر لباخ لم تنته! فما أن صعدنا جميعا إلى المبنى لحضور المحاضرة، حتى انهال البروفسيور "إيزي" عليّ بالتعليقات التي جاءت في ظاهرها مجرد أسئلة ، لكنها في باطنها شيئا آخر بالطبع:
"ألا تشعري أن الإسلام أساء للمرأة؟ لماذا يصلي السيدات خلف الرجال في الصلاة؟ أليس من الذوق أن يكون السيدات في الأمام؟ لماذا ترث المرأة نصف ما يرث الرجل؟ ماذا تري؟ هل إذا ما تزوجت ستحتفظين بأموالك كما ينص الإسلام؟ وهل هذا شيئا واقعيا في العصر الذي نعيش فيه؟"
لم أستطع حقيقة أن أرد على كل النقاط التي طرحها الأستاذ الأمريكي، بل إني شعرت بدرجة من الإضطهاد ودرجات كبيرة من عدم الارتياح وحاولت أن أكبت اضطرابي وأنا ارتب الكلام في ذهني كمن يطلق الطلقة الوحيدة في بندقية لا يعرف إن كانت ستعمل أم لا:
"الإسلام لم يهن المرأة! في الإسلام المرأة لها أموالها زي الراجل بالضبط ، وتتقاضى نفس الأجر زيه في العمل، لكن في الغرب الست لسّه بتاخد نص مرتب الراجل. الإسلام ما أهنش المرأة ولا حاجة."
----------------------------------------
انتهت الوصلة الغنائية عند هذا الحد (حمدا لله بالطبع) ، وفي تمام السابعة والنصف مساء، كنت أقف أنا و عشرون زميل وزميلة تحت قبة مسجد الحسن و الرفاعي بالقلعة، كان انعكاس ضوء القمر على قمة الجامع بحجارته الكبيرة الرحبة، يبعث بداخلي شعورا بالرهبة، وتخيلت نفسي وكأني صعدت إلى السماء، وأصبحت جزءا من المشهد، انتبهت إلى صوت "محمد الرزار" قائد الفريق وهو يحكي لنا عن الجامعين وتاريخهما.
ورحت أنظر إلى قبة المسجدين في أسى وكأني انظر إلى حبيب لا أدري لم هجرني وتركني وحيدة، ولوهلة تخيلت جامع الحسن يدا كبيرة تحتويني، وتطبطب عليّ! تأملت الأحجار والزخارف في الجامعين، حاولت أن التقطت صورا في ذهني يمكني أن استرجعها بسهولة فيما بعد! ثم تحركنا جميعا ورحنا نجوب الأحياء الإسلامية القديمة!
------------------------------------------------
في الصباح كانت الحياة تعود كما كانت، أركب العربيه، فـتلتقط عيني عبارة طويلة عريضة لصقها صاحب العربة على الزجاج الخلفي "فداك أبي وأمي يا رسول الله"، ابتسم في مرارة وأول ما اقترب من ساحة كلية الآداب، أجد آيات وأحاديث علقها طلبة بجوار الأشجار، خطوات للأمام فأجد أصوات لشرائط القرآن صوتها يعلو وتتداخل مع بعضها البعض ، فأدرك أن هناك معرضا لبيع الشرائط الدينية! أعود للبيت، في الليل ، أفتح الإنترنت ، واتصفح المدونة التي كنت قد أعددتها كي أكتب بها مقالات عن الرسول عليه الصلاة والسلام باللغة الإنجليزية ولم أكملها، اتصفح الصور التي وضعتها بها في أسى، وأمام عيني يتردد فلاش باك للمظاهرات العارمة ضد الرسومات، أغلق جهاز الكمبيوتر، وينتابني شعور غريب، كأني في سرادق عزاء لشخص شهير تسابق الكل في إظهار حزنهم عليه من أجل كاميرات التليفزيون وكاميرات المحمول! جاء اليوم التالي ، ركبت العربة، ورأيت نفس العبارة في الصباح "فداك أبي وأمي يا رسول الله" ، وضعت المفتاح في العربية ورحت أهدهدها في تأثر "يلا يا لوزة! أمشي بقى! خليكي حلوة أمال؟" ، وبعد العديد من التك تك و تسسسسسسس تحركت العربة وبدأ يوم جديد!