الوحي

الحاضر آيات انزلها جبريل عليك؛ تيار كهربي حفيف يمر في جسدك كلما رددتها؛ الجحيم الذي ينتظر المخالفين، الأنهار و العسل و حور العين؛ لكلامك مجال مغناطيسي ، يجذب من حولك كإنما ابنتك أوقعت علبة الإبر وهي تعبث في أوراقك؛ تحدث من بجوارك بعد أن انتهى من قراءة الجريدة؛ حسني مبارك و التوريث و البرادعي؛ تتذكر أن أسم الأخير به شيء ما موحي؛ لعله سيرفص زكيبة التبن، سيلقيها في النهر، ويسير عارفا طريقه.

التاريخ قصاصات ورق، وجدتها ملقاه على أطراف مكتبك، لعل ابنتك هي من كشفتها أمامك، ربما أنت دون قصد؛ مر اربع عشرة قرن على نزول الوحي؛ تعالى يا وحي، عشان خطري يا وحي، أنت فين يا وحي؟ .يلاحقك ماضيك بشكل ما، وأنت تشترى الزيت والسكر و الملح، تلتمع عينيك وأنت تخمن الحروف المتآكلة على مكتبك ، لو الحرف الأول "ب" و التاني "سيم" و التالت "ميم" تبقى بسم الله الرحمن الرحيم؛ في طريقك للقهوة، تنظر إلى مؤخرات البنات حولك، تكبر في دماغك و تذهب إلى شيخ مبروك، تحدثه عن قصاصات الورق، يردد آيات يحفظها، يمسح بيده على وجهه، في الصباح تقرر أن تخلق آياتك، يعلو صوتك، وأنت تردد البرادعي و التوريث و حسني مبارك...

مغفل!

الآن بعد يوم شاق و تعب أفكر في شكل هذا الإنسان الذي قبل ما رفضه غيره من سماوات وجبال وأرض؟ أين كان عقله حينئذ؟ وكيف تكون الجبال والسماوات أكثر حكمة من الإنسان؟ أحس بالحياة أحيانا حملا عليّ، شيئا أكبر من قدراتي، وقت الإمتحانات، تبدو الدرجات التي أضعها على الأوراق لامعة بشكل ما، العدل الكامل يبدو شيئا بعيدا، وأنا أسلم الدرجات، اسرح في خاطر ، إني قدمت استقالتي، ارتاح من وضع درجات على أوراق قد تغير مصير أصحابها، اعتراف الناس بك، ابتسامة أمك في وجهك في الصباح، نظرة الرضا في عينيك، قد تساوي في حقيقة الأمر درجة واحدة، نقله من ساقط لمقبول، ومن جيد إلى جيد جدا، ومن عاطل لمعيد في الجامعة؛ لو كان الأمر بيدي لأعطيت الجميع نفس الدرجات وتركت التقييم النهائي للامتحان المكتوب؟
يلازمني هاجس بأن كلبا ضالا سيخرج بين العربات أثناء سيري في الشارع، مررت بحادثة مشابهة وأنا صغيرة، خرج كلب من بيت صديقتي وأنا أودعها، اصابني ذعر، لم أجر، استدرت وأنا أشيح بيدي إليه: احترم نفسك، بقولك احترم نفسك اخرس! ابتعد عني، صديقتي كانت تضحك... في الطائرات أطيل النظر للسحاب، المباني و الأهرامات، وكل شيء يكون صغيرا، عدا الجالسين في الطائرة، البشاوات والهوانم الذي يغمض البعض عينية، بينما يحدق البعض الآخر من الشبابيك.
في لحظات الوحدة، في استراحة فيلم في السينما، أو في باحة مسجد قديم، احلم إني تزوجت وأنجبت أطفالا ثم خبئتهم في رحم العدم، اقول لهم إني أحبهم جدا، لذا اشفقت عليهم ، افكر الآن في شيء آخر، الكتابة تبدو لي مخلوقا بديعا، يذكرني الناس به، لا يحمل أمانات، بل أفكار بأجنحة.

متاهة



ذهبت إلى هناك على سبيل التخلص من الملل؛ جلست على الكرسي، غصت لأسفل، على الحائط رسمة لطائر يخفض رأسه، وجه منقسم إلى نصفين، في وقت الصمت، تحيلني الصور إلى عوالم أخرى، اتصورني نجم يدور في فلك لا اتبين أسمه، الطائر كان في معركة مع طيور أخرى؛ على البحيرة، تؤكد الطيور انتصارها بالنعيق؛ الشخص الذي يجلس على اليمين يتحدث بلغة لا أفهمها، على اليسار، يجلس رجل يتحدث الفصحى؛ أحملق في السقف، طريقتي المفضلة حين أريد الهروب من شيئ ما، بقع و ثقوب حول بيت النور؛ من الثقوب أعبر إلى بوابات الظلام، أتمايل كورقة تسقط من عليّ في ليلة غير مقمرة؛ لسعة البرد على مسامي تكون ثوبا حريريا ، لما كنت نبتاً ، كنت أشق طريقي بين طبقات الأرض، يتلوى جسدي كلما مسّ طميا رطبا؛ صرت شجيرة فشجرة، يحفر بداخلي العابرين أسمائهم، يبول الرجل على جذعي.. في هدير الليل، استرق السمع لكلام العابرين، أنسج منها قصصا، كلما تسقط ورقة، تطير كائنات بأجنحة ، إن عشت ألف عام ستصير الضيعة ملكي، ستذوب أوراقي مع قشرة الأرض، لن أعرف من منا كان أرضا ومن كان ورقة؟ أنظر إلى الرجل الجالس على اليسار، يلمس مسامي صوت سيوف و صهيل خيل ، يتخلخل الهواء تحتي، يضطرب سقوطي الهادئ ، ألف في حلزون، تغيب الأرض.

اخترنا لكم...حنان في الريف و خلي السعادة عادة مع ميادة!

وحشتوني جدا   أنا انهاردا في جو تمانيناتي جميل وباسمع هدى القمر لإيهاب توفيق والدنيا دندنة وباكتب لكم وأنا حاضنة البطانية  عاوزة اشاركم حاجت...